بصدد الطغيان ، وعزمه على العصيان ، وصحة مثوبته ، ومدحه على إقامته بما هو قضية عبوديته ، من العزم على موافقته والبناء على إطاعته (١) ، وإن قلنا بأنه لا يستحق مؤاخذة أو مثوبة ، ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة ، بمجرد سوء سريرته أو حسنها ، وإن كان مستحقا للوم أو المدح بما يستتبعانه ، كسائر الصفات والاخلاق الذميمة أو الحسنة.
______________________________________________________
المولى وخضوع له وقيام من العبد برسم العبودية ومراسيم الرقية لمولاه ، فالتجري من الظلم الذي يستحق فاعله الذم والعقاب ، والانقياد من العدل الذي يستحق فاعله المدح والثواب.
ولا فرق بالوجدان بين المتجري المخطئ في قطعه وبين المخالف المصيب في قطعه في كون كل منهما واجدا لتمام ما يحصل به الهتك للمولى من قبل العبد ، وكل منهما هاتك لحرمة مولاه وطاغ عليه من غير فرق ، وكلاهما قد فعل ما يستحق مرتكبه للذم والعقاب من دون أي فرق بينهما ، ومثله عدم الفرق بين المنقاد والمطيع وكلاهما قد فعل ما يستحق فاعله للمدح والثواب.
(١) المراد من الطغيان الذي كان المتجري بصدده ومن العصيان الذي عزم المتجري عليه ، هو الطغيان بخصوص المخالفة في حال اصابة القطع ، والعزم على العصيان المتحقق ايضا بخصوص المخالفة في مورد الاصابة ، فان المتجري قد اتى بكل ما يمكن ان يتحقق منه فيما لو كان قطعه مصيبا للواقع ، لوضوح كون اصابة الواقع وعدم اصابته ليست من افعال القاطع ، فانه قد فعل مطابق ما يراه انه هو الواقع ، فان كون ما فعله من الواقع أو ليس من الواقع ليس من افعال القاطع الآتي بما يراه انه من الواقع ، ففي صدق عنوان الهتك والظلم لا فرق بينهما اصلا.
واتضح مما ذكرنا ان العزم الذي يتساوى فيه المتجري والعاصي هو العزم البالغ مرتبة التحريك للعضلات ، دون العزم الذي لم يبلغ هذه المرتبة ، واليه يشير المصنف في كلامه الآتي.