من الوجوه والاعتبارات التي بها يكون الحسن والقبح عقلا ولا ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعا ، ضرورة عدم تغير الفعل عما هو عليه من المبغوضية والمحبوبية للمولى ، بسبب قطع العبد بكونه محبوبا أو مبغوضا له.
فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضا له ، ولو اعتقد العبد بأنه عدوه ، وكذا قتل عدوه ، مع القطع بأنه ابنه ، لا يخرج عن كونه محبوبا أبدا (١).
______________________________________________________
على حسنه ولا يكون قبيحا ، وما قطع بكونه حراما وكان واجبا باق على وجوبه ولا يصير قبيحا ولا حراما عقلا بسبب كونه فعلا قد تجرأ به العبد على مولاه ، لان العبد انما يستحق العقاب على ارادته وقصده اليه المحرك لعضلاته نحو الفعل والقصد هو المعنون بعنوان الهتك والطغيان ، ولذا قال (قدسسره) : «ولكن ذلك» أي شهادة الوجدان الحاكم بصحة مؤاخذة المتجري لا يستلزم تغيير الفعل المتجرى به عن عنوانه الواقعي ، لعدم صيرورة الفعل نفسه بواسطة التجري عنوانا للهتك ، بل نلتزم بصحة المؤاخذة على العزم والارادة والمثوبة عليهما ايضا «مع بقاء الفعل المتجرى به او المنقاد به على ما هو عليه من الحسن او القبح والوجوب او الحرمة واقعا بلا حدوث تفاوت فيه» أي من دون تفاوت في نفس الفعل «بسبب تعلق القطع» به «ب» عنوان هو «غير ما هو عليه من» العنوان الذي له واقعا ، ولا فرق بين ان يكون متعلق القطع «الحكم» كما لو قطع بوجوب الجمعة وكانت محرمة واقعا فتركها «و» بين ان يكون متعلق القطع «الصفة» كما لو قطع بخمرية مائع فشربه «ولا يغير جهة حسنه او قبحه بجهة اصلا» أي لا يغير القطع بحسنه قبحه الواقعي ولا يغير القطع بقبح الفعل حسنه الواقعي ، فما للفعل من الجهة الواقعية باقية على ما هي عليها لا تتغير بسبب تعلق القطع بخلافها.
(١) هذا شروع في الاستدلال على كون الفعل المتجرى به ليس هو معنون عنوان الهتك والظلم للمولى ، فلا بد وان يكون معنون عنوان الهتك هو الارادة ، لوضوح