.................................................................................................
______________________________________________________
العمل غير المرضي ومنه افعال السفهاء ، واما الجهل وعدم العلم بما هو عدم العلم ليس من السفه.
وبعبارة اخرى : ان المناسب للجهل هو التعليم والايضاح والمناسب للسفه هو الموعظة والرّدع ، فالمراد من الجاهلين هم السفهاء الذين يفعلون بدافع الشهوات او الطغيان والتجبّر لا بما يقتضيه العقل والانصاف ، ومثله الجهالة في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ)(١).
ومن الواضح : ان الاخذ بما ياخذ به العقلاء وهو خبر العادل ليس من السّفاهة ، وانما السفاهة هو الاخذ بخبر الفاسق غير المبالي بما يترتب على العمل بالكذب من الفساد ، وعلى هذا فتكون العلة مما تختص بخبر الفاسق ولا تشمل خبر العادل ومبيّنة ، لوجه عدم حجية خبره ، وان الاخذ به من الاعمال السفهيّة المستلزمة للندم غالبا ، وفي خبر الوليد قطعا لانه أخبر عن كفر بني المصطلق المترتب عليه جهادهم وقتلهم ، وقد كان كذبا لانهم كانوا مؤمنين واي فساد اعظم من قتل المؤمنين.
لا يقال : ان كون الجهالة بمعنى السّفه تنافي المورد فان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أجل من ان يعمل سفها.
فانا نقول : ان الوليد لم يكن ظاهر الفسق والاعتماد عليه من السفه ، ولكنه لما كان ـ واقعا ـ فاسقا نزلت الآية للتنبيه على فسقه الذي كان يكتمه واعطاء ضابطة لكل خبر يكون من فاسق ، وقد اشار المصنف الى الجواب بقوله : «ولا يخفى ان الاشكال انما يبتني على كون الجهالة بمعنى عدم العلم» فانها حينئذ تكون علة مشتركة بين الفاسق وغيره «مع ان» مناسبة الحكم الموضوع وان الذيل علة لما يختص بعنوان الفاسق دون غيره ولذا ذكر دون غيره تؤيد «دعوى انها» أي الجهالة «بمعنى السفاهة» لا عدم العلم وان الاخذ بخبر الفاسق هو «فعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل» فان
__________________
(١) النساء : الآية ١٧.