ولا يخفى أن الاشكال إنما يبتني على كون الجهالة بمعنى عدم العلم ، مع أن دعوى أنها بمعنى السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل غير بعيدة.
ثم إنه لو سلم تمامية دلالة الآية على حجية خبر العدل (١) ، ربما أشكل شمول مثلها للروايات الحاكية لقول الامام عليهالسلام بواسطة أو
______________________________________________________
كان الذيل دالا على عدم كون الشرط هو العلة المنحصرة فلا تكون في القضية المنطوقية ظهور في الخصوصية التي تستلزم المفهوم.
فان قلت : اذا كانت علة التبيّن مشتركة بين الفاسق والعادل فما الوجه في ذكر الفاسق بالخصوص؟
قلت : لعل الوجه في ذلك التنبيه على فسق الوليد لانه لم يكن ظاهر الفسق ، ثم لاجل ان التبيّن لا يختص بالفاسق ذكر العلة وهي الجهالة المشتركة بينه وبين غيره ، وقد اشار المصنف الى الاشكال بقوله : «لان التعليل باصابة القوم بالجهالة» التي هي بمعنى عدم العلم «المشترك بين المفهوم» مراده من المفهوم هو عنوان العادل والّا فان لازم العلة المشتركة هو عدم المفهوم «والمنطوق» الذي هو عنوان الفاسق هذا الاشتراك «يكون قرينة على انه ليس لها» أي ليس للقضية المعلّلة ـ بما يلزمه عدم كون عنوان الشرط علة منحصرة ـ «مفهوم».
(١) هذا هو الجواب عن هذا الاشكال ، وحاصله : ان الاشكال مبناه ان العلّة للتبيّن هو الجهالة وعدم العلم المشتركة بين الفاسق والعادل ، واما اذا كان المراد منها هو السفاهة والعمل غير العقلائي فانه كثيرا ما يراد من الجهالة هو هذا المعنى ، كما في قوله تعالى : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)(١) فان الموعظة انما تكون عن
__________________
(١) هود : الآية ٤٦.