والوجه الثاني والثالث بعدم انحصار فائدة الانذار بإيجاب التحذر تعبدا ، لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الاطلاق ، ضرورة أن الآية مسوقة لبيان وجوب النفر ، لا لبيان غايتية التحذر ، ولعل وجوبه كان
______________________________________________________
والحاصل : ان الحذر لا ينحصر بالحذر من العقاب ليكون مستلزما للحجية بل يكون لخوف فوت المصلحة والوقوع في المفسدة وهو لا يستلزم الحجية ، ولم يذكر في الآية متعلق الحذر فيمكن ان يكون هو خوف فوت المصلحة والوقوع في المفسدة ، واذا حصل هذا الاحتمال بطل الاستدلال لانه لا يتم إلّا بانحصار الحذر في الحذر من العقاب وقد اشار الى هذا بقوله : «بان التحذر» لا ينحصر بالتحذر من العقاب ليستلزم الحجية بل قد يكون «لرجاء ادراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة او الوقوع في المفسدة» ومثل هذا التحذر «حسن» عند العقل «وليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف» وانما يكون واجبا فيما اذا كان الحذر حذرا من العقاب وليس في الآية ما يدل على ان متعلق الحذر هو العقاب.
وبالجملة : ان الحذر من العقاب حسن وواجب ومستلزم للحجية والحذر من فوت الواقع حسن وليس بواجب وهو كالاحتياط في مورد الشبهة البدوية ولكنه غير مستلزم للحجية.
واما دعوى عدم الفصل بين محبوبية الحذر ووجوبه الراجعة الى دعوى الاجماع.
فيرد عليها اولا : ان عدم الفصل لا يفيد الاجماع بل المفيد له هو القول بعدم الفصل واليه اشار بقوله : «ولم يثبت هاهنا عدم الفصل» المراد من ثبوت عدم الفصل هو القول بعدم الفصل وهو لم يثبت و «غايته عدم القول بالفصل» أي ان غاية ما ثبت انه ما وجدنا من قال بالفصل بين المحبوبية والوجوب ، وعدم قولهم بالفصل لا يكون قولا منهم بعدم الفصل.
وثانيا : ان الاجماع المدعى في المقام محتمل المدرك لاحتمال كون مدركه هو انهم يرون الملازمة العقلية بين محبوبية الحذر ووجوبه.