العاصي دونه ، إنما هو لتحقق سبب الاستحقاق فيه ، وهو مخالفته عن عمد واختيار ، وعدم تحققه فيه لعدم مخالفته أصلا ، ولو بلا اختيار (١) ،
______________________________________________________
(١) هذا هو الرد الثاني لهذا الاستدلال ، وحاصله : انه للقائل بالتفصيل ان يقول ان العاصي والمتجري لم يتساويا في جميع ما صدر منهما بالاختيار ، وانه لا فرق بينهما الا في المصادفة وعدم المصادفة وهي غير اختيارية ، بل هناك امر اختياري صدر من العاصي ولم يصدر من المتجري وهو المخالفة عن عمد ، فان المخالفة عن عمد قد صدرت من العاصي باختياره ، فانه قد قصد المخالفة لمولاه متعمدا ، وقد وقعت منه هذه المخالفة ، ولم تقع هذه المخالفة عن عمد من المتجري ، لوضوح انه لم يصادف الواقع فلم تقع المخالفة منه وان كان قد قصدها ، وليس العقاب منوطا بعنوان المصادفة الذي هو غير اختياري ، بل هو منوط بعنوان المخالفة من عمد الذي هذا العنوان متحقق في العاصي دون المتجري.
نعم المصادفة غير الاختيارية صارت سببا لتحقق العنوان الاختياري المقصود للفاعل في فعله ، ولا مانع من ان يكون هناك امر غير اختياري محققا لما هو المقصود بالاختيار وهو موجود في ساير الامور الاختيارية ، فان القاصد لقتل شخص وازهاق نفسه ربما تتوسط بين ما يعده القاتل لازهاق نفس المقتول وبين الازهاق كثير من الامور غير الاختيارية ، كمثل ان تصيب الآلة ـ مثلا ـ مقتلا منه وان ينزف دمه او انه ربما لا تصيب الآلة مقتلا ولكن كان المضروب محتاجا الى طبيب ولم يحصل الطبيب ، وامثال هذه الاشياء ، فان كونها غير اختيارية للقاتل لا تمنع من صدق كونه قاصدا للقتل والازهاق وقد فعله واستند اليه عن عمد واختيار ، فالمصادفة وان لم تكن باختيار العاصي إلّا انه قد تحقق منه العنوان المقصود له بالاختيار وهو المخالفة للمولى عن عمد ، وان صارت المصادفة سببا لتحققه.
وعلى كل فقد كان هناك شيء لم يتساو فيه العاصي والمتجري ، وهو امر اختياري قد صدر من العاصي ولم يصدر من المتجري ، وان كان عدم صدوره من