وقوله : (ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا)(١) قرىء بالضم والكسر (٢). وقد ذكرت توجيه القراءات في قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وما ترجّح به كلّ قراءة في «الدرّ المصون» و «البحر الزاخر في التفسير» ، فأغنى عن إعادته هنا.
وقد أدخل بعضهم في هذه المادة لفظ ألك (٣). وقد اختلف الناس فيه على ستة أقوال ، أحدها : أنه مشتقّ من الملك (٤) ووزنه فعل لكنه شذّ جمعه على ملائكة. الثاني : أن أصله ملأك ، الهمزة فيه مزيدة كشمأل ، ثم خفف بنقل حركة الهمزة وحذفها ، وجمعه على أصل زيادته ، ويدلّ على ذلك النطق لهذا الأصل في قوله (٥). [من الطويل]
فلست لإنسيّ ولكن لملأك |
|
تنزّل من جوّ السماء يصوب |
الثالث : أنه مشتقّ من ألك أي أرسل ، يدلّ على ذلك قوله (٦) : [من المنسرح]
أبلغ أبا دختنوس مألكة |
|
عن الذي قد يقال م الكذب |
ثم قلبت العين إلى موضع الفاء وصار ملأكا ، ثم فعل به ما فعل بملاك من النّقل والحدث ، ووزنه معل. والرابع : أنه مشتقّ [من] لأك أي أرسل ؛ فالهمزة عين ، ثم فعل فيه ما تقدّم. الخامس : أنه مشتقّ من لاكه يلوكه (٧) أي أداره ، لأنّ الملك يدير الرسالة في فيه ، فأصله ملوك فنقلت حركة الواو إلى اللام ، فتحرّك حرف العلّة وانفتح ما قبله ، فقلبت الفاء وصار ملاكا ثم خفف بحذف الألف ، فوزنه أيضا مفل بحذف العين ، وأصل هذا ملاوكة
__________________
(١) ٨٧ / طه : ٢٠.
(٢) قال الفراء : برفع الميم قراءة القراء. ولو قرئت بملكنا وملكنا (بكسر الميم وفتحها) كان صوابا (معاني القرآن : ٢ / ١٨٩).
(٣) في الأصل : الملك ، ولا يقبله السياق.
(٤) وابن منظور يعكس الآية فيقول : «أنه مشتق من الملك».
(٥) اللسان ـ مادة ألك من غير عزو.
(٦) من شواهد شرح المفصل : ٨ / ٣٥ ، واللسان ـ مادة ألك ، وأبو دختنوس رجل يدعى لقيط بن زرارة ، ودختنوس ابنته ، سماها باسم ابنة كسرى.
(٧) لم يذكرها ابن منظور ، بل جعل مكانها ما في معناها فقال : «سميت ألوكا لأنه يؤلك في الفم ، .. أي يمضغ.