الغراب ويلج الجمل في سمّ الخياط. والثاني : لا يطّرحكم حتى تزهدوا في عمله ، فسمّى إطراحه لهم مللا على المقابلة ، كما تقدّم في (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ) وعليه قول عديّ (١) : [من الرمل]
ثم أضحوا لعب الدهر بهم |
|
وكذاك الدهر يودي بالرّجال |
سمى إهلاكه لهم لعبا. وقيل : معناه : لا يقطع فضله عنكم. وهو قريب من الأول.
قوله تعالى : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ)(٢) أي ينطق بما عليه ؛ يقال : أمللت عليه ، وأمليت كقوله : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً)(٣) فأبدل إحدى اللامين (٤) حرف علة. وأمللته : حملته على الملل من الشيء. والمليلة : حرارة يجدها الإنسان (٥).
م ل و :
قوله تعالى : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ)(٦) أي نطيل لهم المدّة وندرّ عليهم الأرزاق استدراجا لهم ، والإملاء : الإمداد ، ومنه قيل للمدّة الطويلة ملاوة من الدّهر ، ومليّ من الدهر. قال تعالى : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)(٧) أي دهرا طويلا ، وتملّى بكذا : تمتّع به مدّة وملاوة من الزمان.
وتملّيت الثوب : تنعّمت به. وملاك (٨) الله : أبقاك الله متمتعا. والملا : المفازة الممتدّة. والملوان : الليل والنهار. قال بعضهم : حقيقة ذلك تكرّرهما وامتدادهما ، قال (٩)
__________________
(١) البيت مذكور في اللسان ـ مادة ملل من غير عزو. بينما نسبه الهروي إلى العدي وكذا في أمالي المرتضى : ١ / ٥٦ ، والأغاني : ٢ / ٩٥.
(٢) ٢٨٢ / البقرة : ٢.
(٣) ٥ / الفرقان : ٢٥.
(٤) وفي الأصل : أحد الأمرين ، ولعله كما ذكرنا. قال الفراء : أمللت لغة أهل الحجاز وبني أسد ، وأمليت لغة بني تميم وقيس ... ونزل القرآن العزيز باللغتين معا (اللسان).
(٥) وهي حمى في العظم ، وفي المثل : «ذهبت البليلة بالمليلة» ، والبليلة : الصحة (اللسان).
(٦) ١٧٨ / آل عمران : ٣.
(٧) ٤٦ / مريم : ١٩.
(٨) غير مهموز.
(٩) لعله يريد الراغب في المفردات : ٤٧٤.