والنّكر ، بفتح الفاء : الدّهاء. وبضمّها : الشيء المنكر. وقد قرىء قوله تعالى : (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ)(١) بالوجهين ، أعني ضمّ العين وسكونها مع ضمّ الفاء فقط. قال الراغب (٢) : والنّكر : الدّهاء والأمر الصعب الذي لا يعرف. وقد نكر نكارة ، وفي الحديث : «أتاه ملكان منكر ونكير» (٣) المشهور كسر كاف منكر ، سمّيا بذلك لإنكارهما غالب الخلق ، أو لأنّ كلّ أحد يفزع منهما إلا من عصمه الله وثبّته.
ن ك س :
قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ)(٤) أي مميلوها مطرقين ذلا وخجلا. وأصل النّكس القلب. وهو أن يجعل أعلاه أسفله ، بأن تجعل رجلا الإنسان إلى فوق ورأسه إلى تحت. فبولغ في وصف المجرمين بذلك. ويجوز أن يكونوا كذلك حقيقة. قوله تعالى : (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ)(٥) أي قلبوا. وهو عبارة عن اختلاط عقولهم وأذهانهم. قال الفراء : أي رجعوا عمّا عرفوا من الحجّة لإبراهيم عليهالسلام. وقال الأزهريّ : أي ضلّوا.
وأصل النّكس أيضا العود. ومنه نكس المريض ، وهو أن يعود إلى مرضه بعد إفاقته منه. والنّكس : الدّنيء من الرجال ، وأصله السّهم الذي انكسر فوقه ، فجعل أعلاه أسفله ، قوله : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ)(٦) أي نردّه إلى حالة الضّعف كما كان حال الصّغر لقوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ)(٧) ، ولذلك يصير عقله كعقل الأطفال ، وكذا قوّته وأكله. وهذا أمر مشاهد. ومثله : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ)(٨).
__________________
(١) ٦ / القمر : ٥٤.
(٢) سنن الترمذي في الجنائز ، رقم ١٠٧١ ، باب ما جاء في عذاب القبر عن أبي هريرة.
(٣) المفردات : ٥٠٥ ، وروايته بفتح الكاف.
(٤) ١٢ / السجدة : ٣٢.
(٥) ٦٥ / الأنبياء : ٢١.
(٦) ٦٨ / يس : ٣٦.
(٧) ٧٠ / النحل : ١٦.
(٨) ٥ / التين : ٩٥.