وأنت لنا نور وغيث وعصمة |
|
وبيت لمن يرجو نداك ونور |
وقيل : هو على حذف مضاف ، أي ذو نور. وقال الأزهريّ : أي مدبّر أمرهما بحكم بالغة. وقيل في (مَثَلُ نُورِهِ)(١) : أي مثل هداه في قلب المؤمن. و (نُورٌ عَلى نُورٍ)(٢) أي نور الزجاجة ونور المصباح. وقال ثعلب : مثل نوره الذي هدى به سبل الحقّ. قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ)(٣) يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وذلك لأنّ النور يبين الأشياء في الظلمة ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم قد بيّن بشرعه جميع ما تحتاج إليه الأمّة. وقيل : هو القرآن. والظاهر أنه أعمّ من ذلك ، فالكلّ صالح إذ النور في الأصل هو الضّوء المنتشر الذي يعين على الإبصار. وهو ضربان : دنيويّ وأخرويّ. ثم الدّنيويّ ضربان : معقول بعين البصيرة ، وهو ما انتشر من الأنوار الإلهية كنور العقل ونور القرآن. ومحسوس بعين البصر ، وهو ما انتشر من الأجسام النّيّرة كالقمرين والنجوم النّيّرات. فمن النور الإلهيّ قوله تعالى : (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).
ومن المدرك بالبصر قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً)(٤)(وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً)(٥). وإنّما جعلت الشمس ضياء لأنّ الضياء أخصّ من النور ؛ إذ الضوء نور قويّ. وقال الراغب (٦) : وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور من حيث إنّ الضوء أخصّ من النور. قلت : ولهذا قيل : لم قال تعالى : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)(٧) ولم يقل بضيائهم؟ فلم ينف عنهم ما هو أقوى. وجوابه أنّه لا يلزم من نفي الأخصّ نفي الأعمّ ؛ / إذ لو نفي عنهم الضّوء لجاز أن يتوهّم بقاء نور. فإذا نفي عنهم النور الذي هو أعمّ لزم منه نفي الضوء الذي هو أخصّ.
__________________
(١) ٣٥ / النور : ٢٤.
(٢) من الآية السابقة.
(٣) ١٥ / المائدة : ٥.
(٤) ٥ / يونس : ١٠.
(٥) ٦١ / الفرقان : ٢٥.
(٦) المفردات : ٥٠٨.
(٧) ١٧ / البقرة : ٢.