وترته ، أي أصبته بمكروه. وأصله ممّا تقدّم. وقيل : لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم. وفي الحديث : «من فاتته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله» (١) قيل : هو من النّقص ، أي نقص أهله ، بمعنى خسرهم. وقال أبو بكر : أصله من الوتر الذي هو الجناية التي يجنيها الرجل على الرجل من قبل حميمه أو أخذ ماله. فشبّه ما يلحق هذا الذي فاتته صلاة العصر بما يلحق الموتور من قبل حميمه وأخذ ماله.
والوتر : النافلة المعروفة ؛ سميت بذلك لختمها بالوتر ، وهو ركعة واحدة. يقال : أوتر صلاته ، أي جعلها وترا. ومنه الحديث : «ومن استجمر فليوتر» (٢) أي فليجعل ما يتجمّر به وترا. قوله تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا)(٣) أي متتابعين بعضا في إثر بعض ، من المواترة. والأصل وترى فأبدلت الواو تاء على حدّ إبدالها في تخمة وترات. وقال الهرويّ : أي متواترة يجيء بعضها في إثر بعض وبينهم فترة. قال : ومنه حديث أبي هريرة : «لا بأس بقضاء رمضان تترى» (٤) أي متقطعا. وقال يونس : تترى ، أي متفاوتة الأوقات. وجاءت الخيل تترى (٥) أي متقطعة (٦). وفي رواية أخرى عن أبي هريرة : «في قضاء رمضان» قال : متواترة. قال أبو الرّقش : يصوم يوما ويفطر يوما ، أو يصوم يومين ويفطر يومين ، لا تكون المتواترة مواظبة حتى يكون بينهما شيء. وقال بعضهم : التواتر : تتابع الشيء وترا وفرادى.
قال تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) قلت : أصله : أن يجيئوا وترا وترا. ثم اتّسع فيه حتى جعل لمجرّد التّتابع. وإن كانوا أزواجا لا أوتارا ؛ أزواجا أي متنوّعين بالنّوعين معا. والتّواتر في اصطلاح المتشرّعة عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب مع استواء الطرفين والوسط ، والعلم بخبره ضروريّ. ويقابله إخبار الآحاد. وهو ما لم يبلغ ذلك العدد. والوتيرة أيضا : السجيّة. يقال : هم على وتيرة واحدة ، أي سجيّة وحالة واحدة. ومنه حديث
__________________
(١) النهاية : ٥ / ١٤٨.
(٢) النهاية : ٥ / ١٤٧ ، وفيه : «إذا استجمرت فأوتر». أي اجعل الحجارة واحدة أو ثلاثا ، أو خمسا.
(٣) ٤٤ / المؤمنون : ٢٣.
(٤) النهاية : ٥ / ١٤٨.
(٥) النهاية : ٥ / ١٤٨.
(٦) قال الفراء : يقال تترى في الرفع والنصب والجر والألف فهي بدل من التنوين. وقال ثعلب : هي تفعل ، وغلّطه أبو علي.