أنّ ذلك على حقيقته. وفي الحديث الصحيح ما يؤيّده كحديث النّظافة وغيرها. وأنّ له كفّتين ولسانا.
والوزن في الأصل معرفة قدر الشيء بهذه الآلة الخاصّة. يقال : وزنت (١) زيدا كذا ، ووزنت له وزنا وزنة ، نحو : وعدا وعدة. قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ)(٢) في أحد القولين. وقيل ؛ الوزن : التقدير ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)(٣) أي مقدّر. ومنه : «نهى عن بيع الثّمار حتّى توزن» (٤) أي تقدّر في الخرص. وذلك أنّ الخارص يحزر كم قدرها ، فيكون كالوزن لها. وقيل : موزون كالمعادن / نحو الذهب والفضة والنحاس والرّصاص. وقيل : هو إشارة إلى كلّ ما أوجده تعالى وخلقه ، وإنه خلقه باعتدال كقوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(٥). قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ)(٦) قيل : هو حقيقة وهو الصّحيح ، وقيل : عبارة عن عدله ، وقد تقدّم. ووصفها بالقسط وهو مفرد لكونه في الأصل مصدرا ، وفي موضع : أتى بالميزان مفردا اعتبارا بالمحاسب ، وفي مواضع بالجمع إعتبارا بالمحاسبين.
وأصل الميزان واو فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. ولذلك لمّا تحركت في الجمع وزالت الكسرة قبلها رجعت إلى أصلها نحو ميقات ومواقيت ، وميعاد ومواعيد. ويقال : ما لفلان عندي وزن ، أي قدر لخسّته. ومنه : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً)(٧). قوله : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ)(٨) أي العدل. وعبّر بالميزان لما تقدّم من أنّه أظهر الآلات في ذلك. وأنشد بعضهم للشيخ تقيّ الدين القشيريّ بن دقيق العيد رحمهالله تعالى : [من الكامل]
__________________
(١) وفي الأصل : قريت.
(٢) ٣ / المطففين : ٨٣.
(٣) ١٩ / الحجر : ١٥.
(٤) النهاية : ٥ / ١٨٢ ، وفيه : «... قبل أن توزن».
(٥) ٤٩ / القدر : ٥٤.
(٦) ٤٧ / الأنبياء : ٢١.
(٧) ١٠٥ / الكهف : ١٨.
(٨) ٧ / الرحمن : ٥٥.