فلا حاجة إلى الإطالة معه في البحث. وأصل اليد للجارحة ، وأصلها يدي أو يدي ـ بسكون العين وفتحها ـ ويجمع على أيد (١). قال تعالى : (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها)(٢) إلا أنّ الراجح أن يكون فعلا (٣) بدليل جمعه على أفعل ؛ فإنّ أفعلا في فعل أكثر منه في فعل ـ فالفتح ـ. وقد جاء فيه (٤) نحو جبل وأجبل ، وزمن وأزمن (٥). واستدلّ بعضهم على أنها «فعل» بالفتح من قولهم : يديان ، في التثنية ، وفيه نظر لأنه لم يرد ذلك إلا ضرورة. فيجوز أن تكون حركة العين للضرورة. ويدلّ على أنّ لامه ياء قولهم في التثنية يديان. وأنشد (٦) : [من الكامل]
يديان بيضاوان عند محلّم |
|
قد يمنعانك أن تضام وتظهرا |
والأكثر في تثنيته حذف اللام كقوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٧)(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(٨). وقد ترد كالبيت المتقدّم. ومثلها في حذف اللام تثنية وردّها قليلا دم عكس أب وأخواته. وقد حقّقت ذلك كلّه في موضوعات النحو.
قوله : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ)(٩) فنسبة الكتب إلى الأيدي تنبيه أنّهم اختلقوه بأفواههم ، تنبيها على اختلافهم ، وإلا فمعلوم أنّ الكتب والقول إنّما هما باليد والفم. قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(١٠) أي عن قوة منكم وقدرة. وقيل : يعطون ذلك في مقابلة نعمه عليهم في استقرارهم ببلاد الإسلام.
__________________
(١) ويديّ ويديّ.
(٢) ١٩٥ / الأعراف : ٧.
(٣) يعني : أصلها يدي وزنها فعل ، جمعها أيدي وزنها أفعل.
(٤) يريد : جاء على قلة جمعهم لفعل على أفعل.
(٥) وفي الأصل : رمى وأرمي.
(٦) هذا رواية السيرافي وهو الصواب. ويروى : عند محرّق. ورواية العجز في اللسان ـ مادة يدي :
قد يمنعانك بينهم أن تهضما
(٧) ٦٤ / المائدة : ٥.
(٨) ١ / المسد : ١١١.
(٩) ٧٩ / البقرة : ٢.
(١٠) ٢٩ / التوبة : ٩.