ولما ثبت ذلك في مجلس الحاكم المالكي حكم الشرع الشريف أن يسجن هذا المذكور ، ويمنع من التصرف والظهور ، ويكتب مرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك ، وينهي عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك ، أو يعود له في هذا القول متبعا ، أو لهذه الألفاظ مستمعا ، أو يسري في التشبيه مسراه ، أو يفوه بجهة العلو بما فاه ، أو يتحدث أحد بحرف أو صوت ، أو يفوه بذلك إلى الموت ، أو ينطق بتجسيم ، أو يحيد عن الطريق المستقيم ، أو يخرج عن رأي الأئمة ، أو ينفرد به عن علماء الأمة ، أو يحيز الله سبحانه وتعالى في جهة أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمعتقد هذا إلا السيف (١) ، فليقف كل واحد عند هذا الحد ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وليلزم كل واحد من الحنابلة بالرجوع عن كل ما أنكره الأئمة من هذه العقيدة ، والرجوع عن الشبهات الذائعة الشديدة ، ولزوم ما أمر الله تعالى به والتمسك بمسالك أهل الإيمان الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله فقد ضلّ سواء السبيل ، ومثل هذا ليس له إلا التنكيل ، والسجن الطويل مستقره ومقيله وبئس المقيل ، وقد رسمنا بأن ينادي في دمشق المحروسة والبلاد الشامية ، وتلك الجهات الدنية والقصية ، بالنهي الشديد ، والتخويف والتهديد ، لمن اتبع ابن تيمية في هذا الأمر الذي أوضحناه ، ومن تابعه تركناه في مثل مكانه وأحللناه ، ووضعناه من عيون الأمة كما وضعناه ، ومن أصر على الامتناع ، وأبى إلا الدفاع أمرنا بعزلهم من مدارسهم ومناصبهم ، وأسقطناهم من مراتبهم مع إهانتهم ، وأن لا يكون لهم في بلادنا حكم ولا ولاية ، ولا شهادة ولا إمامة ، بل ولا مرتبة ولا إقامة ، فإنا أزلنا دعوة هذا المبتدع من البلاد ، وأبطلنا عقيدته الخبيثة التي أضلّ بها كثيرا من العباد أو كاد ، بل كم أضلّ بها من خلق وعاثوا بها في الأرض الفساد ، ولتثبت المحاضر الشرعية ، على الحنابلة بالرجوع عن ذلك وتسير المحاضر بعد إثباتها على قضاة المالكية ، وقد أعذرنا وحذرنا ، وأنصفنا حيث أنذرنا ، وليقرأ مرسومنا الشريف على المنابر ، ليكون أبلغ واعظ وزاجر ، لكل باد وحاضر ، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه ، وكتب ثامن (٢) عشرين شهر رمضان سنة خمس وسبعمائة (٣).
__________________
(١) لينظر هذا كذلك ، اه مصححه.
(٢) كذا بالأصل والمعنى ظاهر ولعل الأصل في ثامن وعشرين من شهر الخ وكذا ما يأتي يقال فيه ذلك ، اه مصححه.
(٣) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) [آل عمران : ١٣] ، اه مصححه.