بسم الله الرّحمن الرّحيم
التقديم للكتاب
الحمد لله القدوس المتعال ، المنزّه عن النظير والمثال ، جلّت ذاته وعلت صفاته عن أن يحوم حول اكتناهها وهم أو خيال ، والعقول عن إدراك تلك المطالب في عقال ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث لتتميم مكارم الخلال ، منقذا لهذه الأمة من مخالب الوثنية وصنوف الضلال ، وهاديا إلى مراضي مولاه ذي الجلال والجمال ، وعلى آله خير الآل وأصحابه أصحاب كرائم الخصال.
انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه صلىاللهعليهوسلم
وبعد ، فلا يخفى على من درس تاريخ الدين الإسلامي أن الله سبحانه بعث خاتم رسله في بيئة عريقة في الوثنية ، وقد أحدقت بتلك البيئة أمم يدينون بالإشراك والتشبيه وأنواع من التخريف والتمويه ، فبمبعثه صلىاللهعليهوسلم انقشعت تلك الظلمات الجاهلية ، واستنارت بصائر الذين آمنوا به بأنوار التعاليم الإسلامية ، حتى داسوا تحت أرجلهم تقاليد الوثنية ونبذوا تلك الأساطير الهمجية وخمدت عزائم أعداء الدين ، وفترت مواصلتهم العداء إلى حين.
تحين الأعداء الفرص للكيد بالمسلمين
لكنهم كانوا يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين ، وتشويه تعاليم هذا الدين في الأخلاق والعمل والاعتقاد ، حتى تذرعوا بعد وفاته صلىاللهعليهوسلم بشتى الوسائل إلى بذر بذور الفساد كلما ظنوا أن الفرصة سانحة ، يلبسون في كل عصر ما يرونه أنجع في مخادعة الجمهور ، وأغشى على بصائر الخاصة والدهماء وأشد فتكا بهم في صميم دينهم. إلى أن تمكنوا من إضلال طوائف في الأطراف ورغم هذا بقيت بيضة الإسلام ـ بحمد الله جلّ شأنه ـ مصونة الجانب تحت كلاءة الله سبحانه ورعايته ، حيث لم يمكنهم من إبادة خضراء الملة ، ولا من إحداث أحداث جوهرية في صميم الدين