__________________
ـ بمثل زيارة القبور ، وهذا ظاهر جدا فمعنى الحديث النهي عن شد الرحل إلى مساجد غير المساجد الثلاثة التي يضاعف فيها الثواب حيث لا داعي إلى تجشم المشاق والاستثناء المفرغ بقدر فيه المستثنى منه بقدر أدنى ما يصحح الاستثناء لأن التقدير ضرورة فلا يزيد على القدر الضروري في تصحيح الكلام ـ وما زاد على ذلك ليس مما يعتبره أهل العلم كما لا يخفى على أن شد الرحل لأجل العلم أو الجهاد أو التجارة أو الاعتبار أو استعادة الصحة ونحو هذا لا يتصور أن يتناوله النهي في الحديث فلا يصح تقدير المستثنى منه من أعم ما يتناول المستثنى ومن تصور خلاف ذلك فقد غلط غلطا فاحشا واستعجم عليه الحديث.
والأحاديث في زيارته صلىاللهعليهوسلم في غاية من الكثرة وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء كما سبق وعلى العمل بموجبها استمرت الأمة إلى أن شذّ ابن تيمية عن جماعة المسلمين في ذلك ، قال علي القاري في شرح الشفا : «وقد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلىاللهعليهوسلم كما أفرط غيره حيث قال كون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة وجاحده محكوم عليه بالكفر ولعل الثاني أقرب إلى الصواب لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفرا لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه ... اه».
فسعيه في منع الناس من زيارته صلىاللهعليهوسلم يدل على ضغينة كامنة فيه نحو الرسول صلىاللهعليهوسلم وكيف يتصور الإشراك بسبب الزيارة والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقه صلىاللهعليهوسلم «أنه عبده ورسوله» وينطقون بذلك في صلواتهم نحو عشرين مرة في كل يوم على أقل تقدير إدامة لذكرى ذلك. ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في كل شئونهم ويرشدونهم إلى السنة في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعة في شيء ولم يعدوهم في يوم من الأيام مشركين بسبب الزيارة أو التوسل ، كيف وقد أنقذهم الله من الشرك وأدخل في قلوبهم الإيمان وأول من رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيمية وجرى خلفه من أراد استباحة أموال المسلمين ودماءهم لحاجة في النفس ولم يخف ابن تيمية من الله في رواية عد السفر لزيارة النبي صلىاللهعليهوسلم سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة عن الإمام أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي ، وحاشاه عن ذلك ـ راجع كتاب التذكرة له تجد فيه مبلغ عنايته بزيارة المصطفى صلىاللهعليهوسلم والتوسل به كما هو مذهب الحنابلة ـ وإنما قوله بذلك في السفر إلى المشاهد المعروفة في العراق لما قارن ذلك من البدع في عهده وفي نظره.
نص ابن عقيل الحنبلي في تذكرته
وإليك نص عبارته في التذكرة المحفوظة بظاهرية دمشق تحت رقم ٨٧ في الفقه الحنبلي. «فصل : ويستحب له قدوم مدينة الرسول صلوات الله عليه فيأتي مسجده فيقول عند دخوله باسم الله اللهم صلّ على محمد وآل محمد وافتح لي أبواب رحمتك وكف عني أبواب عذابك ، الحمد لله الذي بلغ بنا هذا المشهد وجعلنا لذلك أهلا ، الحمد لله رب العالمين. ثم تأتي حائط القبر فلا تمسه ولا تلصق به صدرك ، لأن ذلك عادة اليهود واجعل القبر تلقاء وجهك وقم مما يلي المنبر وقل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ... إلى آخر ما تقوله في التشهد الأخير ، ثم تقول اللهم أعط محمدا الوسيلة والفضيلة