لها!!. وماعشت أراك الدهر عجباً!!. فقد عزل الإمام الذي اتّفق المهاجرون والأنصار على إمامته اتفاقاً لم يُرَ مثله لا قبله ولا بعده. ونصب الآخر معاوية ابن آكلة الأكباد إماماً للناس وحافظاً لدينهم ودنياهم ، وماأحسن قول شاعر المعرة :
فيا موت زر ، إنّ الحياة ذميمة ويا نفس جودي إنّ دهرك هازل
هذه سيرة الرجل على وجه الإجمال ، ولم ير بعد مسألة التحكيم للرجل نشاط ، وقد مات بمكة عام ٤٢ هـ ، وقيل ٤٤ هـ وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وقيل غير ذلك. (١)
إنّ أصحاب الحديث رووا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير قوله سبحانه :
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دينِهِ فَسَوفَ يَأْتِى اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلى المُؤْمِنينَ أَعِزَّة عَلى الكافِرينَ يُجاهِدُونَ في سَبيلِ اللّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِم ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللّهُ واسِعٌ عَليمٌ )(٢) رووا نزولها في حقّ أبي موسى وقومه.
روى السيوطي عن ابن جرير الطبري في الدر المنثور : لما أنزل الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دينِهِ فَسَوفَ يَأْتِى اللّهُ بِقَوم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ) قال عمر : أنا وقومي هم يا رسول الله؟ قال : بل هذا وقومه ، يعني أبا موسى الأشعري. (٣)
ولكن حياة الرجل ، وخصوصاً ما ارتكبه في أُخريات عمره بعزل الإمام الطاهر ـ الذي بايع له المهاجرون والأنصار ـ عن الخلافة ، لا ينطبق مع متن الرواية ، أعني قوله : « هذا وقومه » ، ولذلك نرى أنّ السيوطي ينقل الحديث
ــــــــــــــــــ
١ ـ أُسد الغابة : ٣/٢٤٦.
٢ ـ المائدة : ٥٤.
٣ ـ الدر المنثور : ٢/٢٩٢ وطبقات ابن سعد : ٤/١٠٧.