(٨)
صفاته زائدة على ذاته
إنّ كيفية إجراء صفاته سبحانه على ذاته ، أوجد هوة سحيقة بين كلامي المعتزلة والأشاعرة ، فمشايخ الاعتزال ـ لأجل حفظ التوحيد ، ورفض تعدّد القديم ، والتنزّه عن التشبي هـ ذهبوا إلى أنّ ملاك إجراء هذه الصفات هو الذات ، وليست هنا أيّة واقعية للصفات سوى ذاته.
وقد استعرض القاضي عبد الجبار المعتزلي آراء مشايخه في شرح الأُصول الخمسة (١) وقال :
قال شيخنا أبو علي : إنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات الأربع : ( القدرة ، العلم ، الحياة ، الوجود ) لذاته.
وقال شيخنا أبو هاشم : يستحقّ هذه الصفات لما هو عليه في ذاته.
ومفاد كلام الشيخين : أنّ الله سبحانه عالم ، قادر حي ، بنفسه لا بعلم وقدرة وحياة.
وهؤلاء هم المعروفون بنفاة الصفات ، لحفظ التوحيد ورفض تعدّد القدماء ، وهم يعنون بقولهم : ( لذاته ) أنّ ذاته سبحانه ـ ببساطتها ووحدتها ـ نائبة عن الصفات ، وتعبير أبي هاشم في إفادة ما يرومانه أدق من عبارة أبي علي ، وقد اشتهر هذا القول عند المتأخرين من المتكلّمين بالقول بالنيابة ،
ــــــــــــــــــ
١ ـ شرح الأُصول الخمسة : ١٨٢.