(٥)
الله سبحانه ليس بجسم
لقد أكّد الشيخ الأشعري على تنزيه الله سبحانه عن الجسم والجسمانيات في كتاب « اللمع » بشكل واضح ، وبذلك امتاز منهجه عن منهج كثير من أهل الحديث الذين لا يتورّعون عن إسناد أُمور إليه سبحانه تلازم تجسيمه وكونه ذا جهة. وقد أوضحنا حال هذه الطائفة عند البحث عن عقائد أهل الحديث والحنابلة في الجزء الأوّل.
وأمّا البرهان الذي اعتمد عليه الشيخ فيرسمه في العبارة التالية :
فإن قال قائل : لم أنكرتم أن يكون الله تعالى جسماً؟
قيل له : أنكرنا ذلك لأنّه لا يخلو أن يكون القائل بذلك أراد أن يكون طويلاً عريضاً مجتمعاً ، أو يكون أراد تسميته جسماً وإن لم يكن طويلاً عريضاً مجتمعاً عميقاً ، فإن أراد الأوّل فهذا لا يجوز ، لأنّ المجتمع لا يكون شيئاً واحداً ، لأنّ أقلّ قليل الاجتماع لا يكون إلاّمن شيئين ، لأنّ الشيء الواحد لا يكون لنفسه مجامعاً. وقد بيّنا آنفاً أنّ الله عزّوجلّ شيء واحد ، فبطل أن يكون مجتمعاً. وإن أردتم الثاني فالأسماء ليست إلينا ، ولا يجوز أن يسمى الله تعالى باسم لم يسمِّ به نفسه ، ولا سمّاه به رسوله ، ولا أجمع المسلمون عليه ولا على معناه. (١)
يلاحظ عليه : أنّ توحيده سبحانه على مراتب نذكر منها ماله صلة بالمقام :
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٢٤.