وأتباعه ، يرجع لبه إلى إنكار السببية والمسببية بين عوالم الوجود ودرجات العالم ، وأنّ كلّ حادثة طارئة تستند إليه سبحانه مباشرة ، وأنّه هو المحرق والمبرد ، وما يتبادر إلى الأذهان والحواس من كون النار محرقة ليس إلاّ جريان عادة الله على إيجاد الحرارة بعد وجود النار ، ولا صلة بين النار والحرارة.
وهذا الأصل الذي يعتمد عليه الأشاعرة في كثير من المواضع يضاد الكتاب العزيز والبرهان القويم. كيف وقد صرّح سبحانه في الذكر الحكيم بتأثير العلل الطبيعية في معلولاتها بإذن منه سبحانه ، ونكتفي من الآيات الكثيرة بآية واحدة : (الّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَبِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا للّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١). أنظر إلى قوله سبحانهفَأخرج بهأي بسبب الماء ، فللماء سببية وتأثير في خروج الثمرات. (٢)
استدل القائلون بجواز الرؤية بآيات كثيرة نذكر المهم منها :
الأُية الأُولى
قوله سبحانه : (كَلاّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ* وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ* وُجُوهٌ يَومَئِذ ناضِرَةٌ *إِلى رَبِّها ناظِرَة* وَوُجُوهٌ يَومَئِذ باسِرَةٌ* تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ). (٣)
تمسّكت الأشاعرة لجواز رؤية الله بهذا الدليل السمعي ، قائلين بأنّ النظر إذا كان بمعنى الانتظار ، يستعمل بغير صلة ، ويقال انتظرته ، وإذا كان بمعنى التفكر يستعمل بلفظة « في » ، وإذا كان بمعنى الرأفة يستعمل باللام ، وإذا كان بمعنى الرؤية يستعمل ب ـ « إلى » والنظر في الآية استعمل بلفظ « إلى » ، فيحمل
ــــــــــــــــــ
١ ـ البقرة : ٢٢.
٢ ـ تقدّم الكلام فيه.لاحظ : ص ١٦١.
٣ ـ القيامة : ٢٠ ـ ٢٥.