وهذا الاستفتاء أوعز إليه السبكي في طبقات الشافعية ، في ترجمة الشيخ أبي الحسن الأشعري ، وقال : « سنحكي إن شاء الله هذاالاستفتاء والأجوبة عند انتهائنا إلى ترجمة الأُستاذ أبي نصر ابن الأُستاذ أبي القاسم في الطبقة الخامسة » ، ولكنّه لم يف بوعده.
وحكى في المقام خط الشيخ أبي إسحاق الشيرازي في جواب الاستفتاء أنّه كتب : وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنّة ، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه ، ومذهبه مذهب أهل الحقّ ، وكتب نظير تلك الجملة عدّة من أعلام العصر من حنابلة وأحناف لا حاجة لذكر أسمائهم ، ويظهر من السبكي أنّ هذا الاستفتاء بقي زماناً بين يدي العلماء كلّما جاءت أُمّة منهم كتبت بالموافقة. (١)
لقد بلغت المنافرة بين الأشاعرة والحنابلة إلى القمة في عصر الشيخ أبي نصر عبد الرحيم ابن الشيخ أبي القاسم القشيري ، وبلغ السيل الزبي فقام أعاظم الأشاعرة لمساندة شيخهم أبي نصر برفع الشكوى إلى الوزير نظام الملك ، وتمت الشكوائية بتوقيع كثير من علمائهم ، وكان ذلك سنة ٤٦٩ هـ. وقد نقلنا تلك الشكوائية في الجزء الأوّل من هذه الموسوعة فراجع. (٢)
إنّ الرسالة المعروفة بعقيدة الطحاوي يتبنّاها أهل السنّة حتى الحنابلة في هذه الأيام ، وهي من الكتب الدراسية في جامعة المدينة المنورة يومنا هذا ، والمؤلف ينسب كلّ ما جاء فيه إلى أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني ، وقد ادّعى تاج الدين السبكي أنّ الأشاعرة لا يخالفون عمّا ذكر في
ــــــــــــــــــ
١ ـ طبقات الشافعية : ٣/٣٧٥ ـ ٣٧٦.
٢ ـ لاحظ بحوث في الملل والنحل : ١.