إنّ الشيخ الذهبي لم يقم بترجمة الشيخ على وجه يتلقّاه الأشاعرة بالقبول ، بل اشتمل كلامه على لذع ولدغ ، وفي هذا يقول السبكي :
وأنت إذا نظرت في ترجمة هذا الشيخ الذي هو شيخ السنّة وإمام الطائفة في تاريخ شيخنا الذهبي ، ورأيت كيف مزّقها وحار كيف يضع من قدره ، ولم يمكنه البوح بالغض منه خوفاً من سيف أهل الحق ، ولا الصبر عن السكون لما جبلت عليه طويته من بغضه ، بحيث اختصر ما شاء الله أن يختصر في مدحه ، ثمّ قال في آخر الترجمة : « من أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعري فعليه بكتاب « تبيين كذب المفتري » لأبي القاسم ابن عساكر. توفنا على السنّة ، وأدخلنا الجنة ، واجعل أنفسنا مطمئنة ، نحب فيها أولياءك ، ونبغض فيها أعداءك ، ونستغفر للعصاة من عبادك ، ونعمل بمحكم كتابك ، ونؤمن بمتشابهه ونصفك بما وصفت به نفسك ».
فعند ذلك تقضي العجب من هذا الذهبي ، وتعلم إلى ماذا يشير المسكين؟!فويحه ، ثم ويحه!إنّ الذهبي أُستاذي ، وبه تخرّجت في علم الحديث ، إلاّ أنّ الحقّ أحقّ أن يتبع ويجب عليَّ تبيين الحقّ فأقول :
أمّا حوالتك على « تبيين كذب المفتري » وتقصيرك في مدح الشيخ ، فكيف يسعك ذلك مع كونك لم تترجم مجسماً يشبّه الله بخلقه إلاّ واستوفيت ترجمته؟! حتى إنّ كتابك مشتمل على ذكر جماعة من أصاغر المتأخرين من الحنابلة ، الذين لا يؤبه إليهم ، وقد ترجمت كلّ واحد منهم بأوراق عديدة ، فهل عجزت أن تؤتي ترجمة هذا الشيخ حقّها وتترجمه كما ترجمت من هو دونه بألف ألف طبقة. فأي غرض وهوى نفس أبلغ من هذا؟! وأقسم بالله يميناً برّة ما بك إلاّ أنّك لا تحب شياع اسمه بالخير ، ولا تقدر في بلاد المسلمين على أن تفصح فيه بما عندك من أمره ، وما تضمره من الغموض منه ، فإنّك لو أظهرت ذلك لتناولتك سيوف الله.
وأمّا دعاؤك بما دعوت به ، فهل هذا مكانه يا مسكين؟!
وأمّا إشارتك بقولك : « نبغض أعداءك » إلى أنّ الشيخ من أعداء الله