ويحتمل أن يكون المراد من لقاء الله هو يوم البعث ، ويؤيده قوله سبحانه : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ الله) (١) فكنّى بلقاء الله عن يوم البعث ، لأنّ الكافرين ما كانوا يكذبون إلاّ بيوم البعث ، قال سبحانه : (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا). (٢) وقال تعالى : (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرونَكُمْ لِقاءَ يَومِكُمْ هذا). (٣) وقال عزّاسمه : (وَقيلَ الْيَومَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَومِكُمْ هذا). (٤)
وإنّما كنّي عن لقاء يوم البعث بلقاء الله ، لأنّه سبحانه يتجلّى للإنسان بقدرته وسلطانه ، ووعده ووعيده ، ولطفه وكرمه ، وعزّه وجلاله ، وجنوده وملائكته ، إلى غير ذلك من شؤونه. فيصح أن يقال : إنّ هذا اليوم يوم لقاء الرب ، فإنّ لقاء الآثار والآيات الدالة على عظمة صاحبها ، نوع لقاء له.
ويرشدك إلى ما ذكرنا قوله سبحانه : (إِنَّ الّذِينَ لا يَرجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها ... ) (٥) فجعل عدم رجاء لقاء الرب في مقابل الرضى بالحياة الدنيا ، يدل على أنّ المراد من لقاء الرب هو الحياة الأُخروية ، الملازمة لشهود آياته وآثاره العظيمة.
وما أوردناه من الآيات هي من أهمّ ما استدل به الأشاعرة ، وبقيت هناك آيات ربما تمسكوا بها ولكنّها لا تمت إلى مقصودهم بصلة. ولأجل ذلك تركنا التعرض لها.
استدلّ القائلون بالرؤية بالأدلّة السمعية ، منها الكتاب ، وقد عرفت المهم منها ، ومنها السنّة ، ونكتفي بالمهم منها أيضاً :
ــــــــــــــــــ
١ ـ لأنعام : ٣١.
٢ ـ السجدة : ١٤.
٣ ـ الزمر : ٧١.
٤ ـ الجاثية : ٢٤.
٥ ـ يونس : ٧.