(١٣)
كلام الله سبحانه هو الكلام النفسي
أجمع المسلمون تبعاً للكتاب والسنّة على كونه سبحانه متكلّماً ، ويبدو أنّ البحث في كلامه سبحانه أوّل مسألة طرحت على بساط المناقشات في تاريخ علم الكلام ، وإن لم يكن ذلك أمراً قطعياً بل ثبت خلافه ، وقد شغلت تلك المسألة بال العلماء والمفكّرين الإسلاميين في عصر الخلفاء ، وحدثت بسببه مشاجرات ، بل مصادمات دامية ذكرها التاريخ وسجل تفاصيلها ، وخاصة في قضية ما يسمّى ب ـ « محنة خلق القرآن » وكان الخلفاء هم الذين يروّجون البحث عن هذه المسألة ونظائرها حتّى ينصرف المفكّرون عن نقد أفعالهم وانحرافاتهم ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، إنّ الفتوحات الإسلامية أوجبت الاختلاط بين المسلمين وغيرهم ، وصار ذلك مبدء لاحتكاك الثقافتين ـ الإسلامية والأجنبية ـ وفي هذا الجو المشحون بتضارب الأفكار ، طرحت مسألة تكلُّمِه سبحانه في الأوساط الإسلامية ، وأوجدت ضجة كبيرة في المجامع العلمية ، خصوصاً في عصر المأمون ومن بعده ، وأُريقت في هذا السبيل دماء الأبرياء ، ولما لم تكن هذه المسألة مطروحة في العصور السابقة بين المسلمين تضاربت الأقوال فيها إلى حدّ صارت بعض الأقوال والنظريات موهونة جدّاً كما سيوافيك.
ثمّ إنّ الاختلاف في كلامه سبحانه واقع في موضعين :
الأوّل : ما هو حقيقة كلامه سبحانه؟ وهل هو من صفات ذاته كالعلم