الحركتين ، وهذا الفرق لا يتعقّل إلاّفي ظل تأثير قدرة العبد على الوقوع والوجود.
وأضعف من ذلك تنزيل تعلّق قدرة العبد بتعلّق العلم على المعلوم ، مع أنّ واقعية العلم وماهيته هي الكشف التابع للمكشوف ، فلا يصحّ أن يكون مؤثراً في المعلوم وموجداً له ، ولكن واقعية القدرة والسلطة واقعية الإفاضة والإيجاد ، فلا يتصور خلعها عن التأثير مع فرضها قدرة كاملة وبصورة علة تامة.
والمنشأ لهذه الاشتباهات والتناقضات هو العجز عن تفسير الأصل المسلّم من أنّه لا خالق إلاّ الله تعالى ، حيث إنّ الأشاعرة فسّروه بحصر الخلق والإيجاد والتأثير في ذاته سبحانه ، ونفي أيّ تأثير ظلي أو إيجاد حرفي لغيره. فصوّروه سبحانه وتعالى ، الفاعل المباشر لكلّ ماجلّ ودقّ في عالم المجرّدات والماديات ، فصارت ذاته قائمة مقام العلل الطبيعية والأسباب المادية ، فعند ذلك وقعوا في ورطة الجبر ومشكلة إضطرار العبد.
ولكن الحقّ في تفسير الأصل المذكور هو غير ذلك ، وحاصله : إنّ قصر الخالقية المستقلة بالله سبحانه ، لا ينافي قيام غيره بأمر الخلق والإيجاد بإذنه سبحانه وإقداره ، وقد شهدت الدلائل العقلية بصحّة هذا التفسير ، كما نطقت الآيات في الذكر الحكيم بتأثير جملة من العلل الطبيعية في معاليلها ، لكن بإذن منه سبحانه وإقدار له ، فليس للتوحيد في الخالقية معنى غير ذلك ، وسيوافيك تفسيره.
« توجه قدرة العبد على الفعل عند صدوره من الله ».
إنّ المحقّق التفتازاني جنح في تفسيره إلى ما نقلناه عن الغزالي ، ولخّص كلامه على ما عرفت في التعليقة.
ولكنّه في « العقائد النسفية » قام بتفسير الكسب بوجه واضح. وهو أنّ