إنّما يقول بها وجوداً لا مفهوماً ، إذ لا شكّ أنّ المفهوم من « الله » غير المفهوم من « العلم » و « القدرة » ومشتقاتهما.
وعلى ذلك فبما أنّ العلم غيره سبحانه مفهوماً ، ولكن عينه مصداقاً ، لا يصحّ التعبير عن مقام العينية ب ـ « يا علم الله » بل يجب أن يقول : يا الله ، فالتعبير بصورة الإضافة « إضافة العلم إلى الله » دليل على أنّ الداعي يسير في عالم المفاهيم ، لا في عالم العين والخارج ، وإلاّ كان عليه أن يقول : يا الله.
وممّا يدلّ على أنّ الله عالم بعلم ، أنّه سبحانه لا يخلو عن أحد صورتين : ١ ـ أن يكون عالماً بنفسه ، ٢ ـ أو بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه.
١ ـ فإن كان عالماً بنفسه كانت نفسه علماً ، ويستحيل أن يكون العلم عالماً أو العالم علماً ، ومن المعلوم أنّ الله عالم ؛ ومن قال : إنّ علمه نفس ذاته لا يصحّ له أن يقول : إنّه عالم ؛ فإذا بطل هذا الشقّ تعين الشقّ الثاني ، وهو أنّه يعلم بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه. (١)
لبّ البرهان هو : أنّ واقعية الصفة هي البينونة فيجب أن يكون هناك ذات وعرض ، ينتزع من اتّصاف الأُولى بالثاني عنوان العالم والقادر ، فالعالم : من له العلم ، والقادر من له القدرة ، لا من ذاته نفسهما ، فيجب أن يفترض ذات غير الوصف.
يلاحظ عليه : أنّ القائل بالوحدة لا يقول بالوحدة المفهومية ، أي أنّ ما يفهم من لفظ « الجلالة » فهو نفس ما يفهم من لفظ « العالم » فإنّ ذلك باطل بالبداهة ، بل يقصد منه اتحاد واقعية العلم مع واقعية ذاته ، وأنّوجوداً واحداً ببساطته ووحدته مصداق لكلا المفهومين ، وليس مصداق لفظ الجلالة في الخارج مغايراً لمصداق العلم ، وأنّ ساحة الحقّ منزهة عن فقد أية صفة كمالية في مرتبة الذات ، بل لوجود البحث البسيط نعوت وأوصاف ، كلّها موجودة
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٣٠.