وكيف يمكن القول بقدم القرآن مع أنّه سبحانه يقول في حقّه : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبنَّ بِالَّذي أَوحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكيلاً ) (١). فهل يصحّ توصيف القديم بالإذهاب والإعدام؟
٦ ـ العجب أنّ محط النزاع لم يحدد بشكل واضح يقدر الإنسان معه على القضاء فيه ، فهاهنا احتمالات نطرحها على بساط البحث ونطلب حكمها من العقل والقرآن :
أ. الألفاظ والجمل الفصيحة البليغة التي عجز الإنسان في جميع القرون عن الإتيان بمثلها ، وقد جاء بها أمين الوحي إلى النبي الأكرم وقرأها الرسول فتلقتها الأسماع وحرّرتها الأقلام على الصحف المطهرة.
ب. المعاني السامية والمفاهيم الرفيعة في مجالات التكوين والتشريع والحوادث والأخلاق والأدب أو غيرها.
ج. ذاته سبحانه وصفاته من العلم والقدرة والحياة التي بحث عنها القرآن وأشار إليها بألفاظه وجمله.
د. علمه سبحانه بكلّ ما ورد في القرآن الكريم.
هـ. الكلام النفسي القائم بذاته.
و. كون القرآن ليس مخلوقاً للبشر « وما هو قول البشر ».
وهذه المحتملات لا تختص بالقرآن الكريم بل تطَّرد في جميع الصحف السماوية النازلة إلى أنبيائه ورسله ، وإليك بيان حكمها من حيث الحدوث والقدم :
أمّا الأوّل : فلا أظن إنساناً يملك شيئاً من الدرك والعقل يعتقد بكونه غير مخلوق أو كونه قديماً ، كيف وهو شيء من الأشياء ، وموجود من الموجودات ، ممكن غير واجب. فإذا كان غير مخلوق وجب أن يكون واجباً
ــــــــــــــــــ
١ ـ الإسراء : ٨٦.