الأرض رهن بأسباب وعلل ومؤثرات بإذن الله سبحانه ، فلهذه العلل دور في حدوث الظاهرة ( المطر ) كما أنّه له سبحانه وتعالى دوراً وراء هذه الأسباب وهي جنوده والأسباب التي خلقها وأعطى لها السببية ، مظاهر قدرته ومجالي إرادته.
٢ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزجي سَحاباً ثُمَّ يُؤلّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَترى الوَدْقَ يَخرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبال فِيها مِنْ بَرَد فَيُصيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأَبْصارِ). (١)
فالآية الأُولى تسند حركة السحاب إلى الرياح وتقول : فتثير سحاباوهذه الآية تسندها إلى الله سبحانه وتقول : (أنّ الله يزجي سحابا )وما هذا إلاّ لأنّ الرياح جند من جنوده ، وسبب من أسبابه التي تعلقّت مشيئته على إنزال الفيض عن طريقها ، وفعلها فعله ، والكلّ قائم به قيام الممكن بالواجب ، كقيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي.
وليست الآيات الدالة على توسيط الأسباب والعلل في تكون الأشياء وتحقّقها منحصرة بما ذكرناه. بل هناك آيات كثيرة نأتي بالنزر اليسير من الكثير المتوفر.
٣ ـ (وَتَرَى الأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْها الماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوج بَهيج). (٢)
فالآية تصرح بتأثير الماء في اهتزاز الأرض وربوتها ، ثمّ تصرح بأنّ الأرض تنبت من كلّ زوج بهيج.
وبعبارة أُخرى : الآية تصرح بوجود الرابطة الطبيعية بين نزول الماء على الأرض واهتزازها وربوتهاوانتفاخها ، ولولا تلك الرابطة لما صحّ جعل الاهتزاز والربوة جزاءً لنزول الماء. وحمل قوله تعالى « وأنبتت » على المجاز ، وجعل الأرض ظرفاً للإنبات فقط قائلاً بأنّ الله هو المنبت بلا توسيط الأسباب ، تأويل بلا وجه ولا يساعده ظاهر اللفظ ، بل هو ظاهر في أنّ الإنبات فعل للأرض
ــــــــــــــــــ
١ ـ النور : ٤٣.
٢ ـ الحج : ٥.