للحقيقة ، وإنّما هو نوع تعنت في مقابل أدلّة المحقّين في باب الرؤية. ونعم الحكم الله.
الآية الخامسة : قوله سبحانه : (وَلَما جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَةُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِني اَنْظُر إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَراني وَلكِنِ انْظُرْ إِلى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَراني فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتتُ إِلَيْكَ وَأَنَا اَوّلُ الْمُؤْمِنين). (١)
وقد تعرفت على كيفية الاستدلال بالآية عند سرد أدلّة المثبتين ونقدها ، فلا حاجة للتكرار. ولكن نشير إلى بعض الأهواء الساقطة للرازي في الاستدلال بها :
١ ـ لو كانت الرؤية ممتنعة فلماذا طلبها موسى؟
وقد تعرفت على الإجابة عنه فلا نعيد.
٢ ـ لو كانت رؤيته مستحيلة لقال لا أرى ( بصيغة المجهول ). ألا ترى أنّه لو كان في يد رجل حجر. فقال له إنسان : ناولني هذا لآكله ، فإنّه يقول له : هذا لا يؤكل ، ولا يقول له لا تأكل ، ولو كان في يده بدل الحجر تفاحة ، لقال له« لا تأكله » أي هذا ممّا يؤكل ولكن لا تأكله. فلما قال تعالى« لن تراني » ولم يقل لا أُرى علمنا أنّ هذا يدل على أنّه تعالى في ذاته جائز الرؤية.
يلاحظ عليه : أنّ الإجابة ب ـ « لن تراني » مكان « لا أُرى » لأجل حفظ المطابقة بين السؤال والجواب ، فلمّا كان السؤال ب ـ « أرني » وافاه الجواب ب ـ « لن تراني » وحين سمع القوم إنكاره سبحانه عليه مع نبوّته ، علموا أنّهم أولى به. وأنّ رؤيته تعالى شيء غير ممكن ، ولو جازت لنبيه.
فأي قصور في دلالة الآية على الامتناع حتى يبدل الجواب بـ « لا أُرى ».
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأعراف : ١٤٣.