مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ مِنْ بَعْدِما جاءَتْهُمُ البَّيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبينا). (١)
فسمّى سبحانه نفس السؤال ظلماً وعدواناً ، ويكفي في الاستعظام قوله فقد سألوا موسى أكبر من ذلك وقوله ثمّ اتخذوا العجل فكان السؤال واتخاذ العجل من باب واحد.
٢ ـ (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَولا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبّنا لَقَدِ اسْتَكْبَروا في أَنْفُسِهمْ وَعَتَوا عُتُوّاً كَبيراً). (٢)
٣ ـ (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) (٣) (٤)
فلو كانت الرؤية جائزة وهي عند مجوزيها من أعظم الجزاء ، لم يكن التماسها عتواً ، لأنّ من سأل تعالى نعمة في الدنيا لم يكن عاتياً ، وجرى مجرى ما يقال : لن نؤمن لك حتى يحيي الله بدعائك هذا الميت.
وباختصار : إنّ هذا الاستعظام والاستفظاع لا يناسب كونه أمراً ممكناً ونعمة من نعمه سبحانه يكرم عباده بها في الآخرة.
قد اتخذ الرازي في تفسير الآيات موقف المجادل الذي لا يهمه سوى الدفاع عن فكرته ، أو موقف الغريق الذي يتشبث بكلّ حشيش وإن كان يعلم أنّه لا يجديه. وإن كنت في ريب ممّا ذكرنا فاستمع لما نتلوه عليك منه وهو بصدد ردّالاستدلال بهذه الآيات من عدّ السؤال أمراً منكراً :
ــــــــــــــــــ
١ ـ النساء : ١٥٣.
٢ ـ الفرقان : ٢١.
٣ ـ البقرة : ٥٥.
٤ ـ وقد مرّت الآية في الحجة الثالثة ، ولكن كيفية الاستدلال في المقام تختلف عن ما تقدّم.