عن مصب البحث ، إذ لم يقل أحد بامتناعها.
والقائلون بالرؤية مع التنزيه على فرقتين : فرقة تعتمد على الأدلة العقلية دون السمعية ، وفرقة أُخرى على العكس.
فمن الأُولى : سيف الدين الآمدي ، أحد مشايخ الأشاعرة في القرن السابع ( ٥٥١ ـ ٦٣١ هـ ) ، يقول : لسنا نعتمد في هذه المسألة على غير المسلك العقلي الذي أوضحناه ، إذ ما سواه لا يخرج عن الظواهر السمعية ، وهي ممّا يتقاصر عن إفادة القطع واليقين ، فلا يذكر إلاّ على سبيل التقريب. (١)
ومن الثانية : الرازي في عديد من كتبه كمعالم الدين ص ٦٧ والأربعين ص ١٩٨ ، والمحصل ص ١٣٨ ، فقال : إنّ العمدة في جوازالرؤية ووقوعها هو السمع ، وعليه الشهرستاني في « نهاية الأقدام » ص ٣٦٩ ـ
هذه هي الأقوال الدارجة حول الرؤية ، وقد عرفت ما هو محلّ النزاع.
قد عرفت أنّ طرف النزاع في المقام هو الأشاعرة ، وفي مقدّمهم الشيخ الأشعري ، وهم من أهل التنزيه ، فلأجل ذلك يطرحون المسألة بشكل يناسب مذهبهم.
يقول التفتازاني : ذهب أهل السنة إلى أنّ الله تعالى يجوز أن يرى وأنّ المؤمنين في الجنّة يرونه منزّهاً عن المقابلة والجهة والمكان. (٢)
وهذه القيود التي ذكرها التفتازاني ، وإن كانت غير واردة في كلام صاحب المنهج ، ولكن الفكرة بهذه الصورة قد نضجت في طوال قرون متمادية ، إنّما الكلام في إمكان وقوع هذه الرؤية ، أي أن تتحقّق الرؤية بالأبصار ، ولكن
ــــــــــــــــــ
١ ـ غاية المرام في علم الكلام : ١٧٤.
٢ ـ شرح المقاصد : ٢/١١١.