(٣)
استدلاله على وحدانية الصانع
استدلّ الشيخ الأشعري على وحدانية الصانع ببرهان التمانع ، وقال : إنّ الصانعَيْن المفترضين لا يجري تدبيرهما على نظام ، ولا يتّسق على أحكام ، ولابدّ أن يلحقهما العجز أو واحداً منهما ، لأنّ أحدهما إذا أراد أن يحيي إنساناً ، وأراد الآخر أن يميته ، لم يخل أن يتم مرادهما جميعاً ، أو لا يتم مرادهما ، أو يتم مراد أحدهما دون الآخر ، ويستحيل أن يتم مرادهما جميعاً ، لأنّه يستحيل أن يكون الجسم حياً وميتاً في حال واحدة.
وإن لم يتم مرادهما جميعاً وجب عجزهما ، والعاجز لا يكون إلهاً ولا قديماً.
وإن تم مراد أحدهما دون الآخر وجب عجز من لم يتم مراده منهما ، والعاجز لا يكون إلهاً وقديماً ، فدلّ ما قلناه على أنّ صانع الأشياء واحد ، وقد قال الله تعالى : ( لَوْكانَ فِيهِما آلِهةٌ إِلاّالله لَفَسدَتا ) (١) (٢).
يلاحظ على ما أفاده :
أوّلا : أنّ ما ذكره هو برهان التمانع الوارد في الكتب الكلامية ، ولكنّه لم يستقص جميع شقوقه ، إذ لقائل أن يقول : إنّ الإلهين بما أنّهما عالمان ـ بما لا
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأنبياء : ٢٢.
٢ ـ اللمع : ٢٠ ـ ٢١.