نهاية لعلمهما ـ واقفان على المصالح والمفاسد ، وما يصحّ فعله ممّا لا يصحّ ، فيتّفقان على ما فيه المصلحة والحكمة.
ومن المعلوم أنّه ليس إلاّ أمراً واحداً ، فحينئذ تتحد إرادتهما على إيجاد ما اتّفقا عليه ، فإنّ الاختلاف في الإرادة إمّا ناشئ من حبّ الذات ، فيقدّم ما فيه المنفعة الشخصية على غيره ، أو ناشئ من الجهل بالمصالح والمفاسد ، وكلا العاملين منفيان عن ساحة الإلهين المفروضين.
ولأجل استيعاب جميع الشقوق تجب الإجابة عن هذا الشق أيضاً.
وموجز الإجابة ( والتفصيل يطلب من الأسفار الكلامية ) أنّ تعدد الصانع في الخارج يدلّ على وجود تباين واختلاف بينهما في أمر من الأُمور ، فهما إمّا متباينان في جميع الذات ، ( كما هو الحال في الأجناس العالية ، فإنّ الجوهر يباين العرض بتمام الذات ) أو في بعضها كتباين نوع من نوع آخر ( مثل الإنسان بالنسبة إلى الفرس ) أو في الشخصيات والتعينات.
وعلى كلّ تقدير يجب أن يكون هناك نوع من التباين والاختلاف ولو من جهة واحدة ، وفي مرحلة من مراحل الوجود ؛ وإلاّ فلو تساويا من جميع الجهات ، لارتفع التعدد وصار المفروضان إلهاً واحداً وهو خلف.
وعلى فرض وجود اختلاف بين الإلهين ، يجب أن يختلف شعورهما وإدراكهما ولو في مورد أو موردين ، إذ لا معنى لأن يتحد تشخيصهما وإدراكهما وعلمهما مع الاختلاف في الذات أو التعيّنات.
وعندئذ ، لا يمكن أن نقول إنّهما يتفقان في جميع الموارد على شيء واحد وهو مقتضى الحكمة والمصلحة ، لأنّ المفروض أنّ كلّواحد يرى فعله موافقاً للحكمة والمصلحة ، ولا دليل على انحصار المصلحة والحكمة في جهة واحدة ، بل من الممكن أن يكون كلا الفعلين مقرونين بالصلاح ولكلّ منهما فلاح.
هذا هو التقرير الصحيح للبرهان.
وثانياً : أنّ قوله سبحانه : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاّ الله) ليس ناظراً إلى