وحدة الصانع والخالق ، بل الآية تركّز على وحدة التدبير في العالم ، وأنّ مدبّر العالم إله واحد لا غير. والبرهان القرآني على وحدة التدبير جاء ضمن آيتين تتكفّل كلّ واحدة منهما ببيان بعض شقوق البرهان. وإليك الآيتان مع توضيح البرهان :
١ ـ ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاّ الله لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ الله رَبّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ ). (١)
٢ ـ(وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِله إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِله بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْض سُبْحانَ الله عَمّا يَصِفُونَ )(٢)
توضيح البرهان بجميع شقوقه
إنّ تصوير تعدّد المدبّر للعالم يفترض على صور :
١ ـ أن يتفرد كلّ واحد من الآلهة المفترضة بتدبير مجموع الكون باستقلاله بمعنى أن يعمل كلّواحد ما يريده في الكون دون منازع ، ففي هذه الصورة يلزم تعدّد التدبير لأنّ المدبّر متعدد ومختلف في الذات ، ونتيجة تعدّد التدبير طروء الفساد على العالم وذهاب الانسجام المشهود ، وإليه يشير قوله سبحانه : ( لَو كانَ فِيهِما آلهة إِلاّ الله لَفَسدتا ... ).
٢ ـ أن يدبر كلّ واحد قسماً من الكون الذي خلقه ، وعندئذ يجب أن يكون لكلّ جانب من الجانبين نظام مستقل خاص مغاير لنظام الجانب الآخر وغير مرتبط به ؛ وهذا الفرض يستلزم انقطاع الارتباط وذهاب الانسجام من الكون ، والحال أنّا نرى في الكون نوعاً واحداً من النظام شاملاً لكلّ جوانب الكون من الذرة إلى المجرة ، وإلى هذا القسم من البرهان يشير قوله سبحانه في الآية الأُخرى ( إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِله بِما خَلَقَ ).
٣ ـ أن يتفوّق أحد الآلهة المفترضة على البقية فيوحّد جهودهم وأعمالهم ،
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأنبياء : ٢٢.
٢ ـ الأنبياء : ٩١.