اللغة والنحو ، ولا موثوق به في نقل المغازي والسير والتواريخ ، ولا إمام في الوعظ والتذكير ، ولا إمام في التأويل والتفسير ، وإنّما كان أئمّة هذه العلوم على الخصوص والعموم من أهل السنّة والجماعة ، وأهل الأهواء الضالة إذا ردّوا الروايات الواردة عن الصحابة في أحكامهم وسيرهم ، لم يصحّ اقتداؤهم بهم متى لم يشاهدوهم ولم يقبلوا رواية أهل الرواية عنهم. (١)
أقول : ما ذكره في حقّ الروافض ـ إن أراد منه الشيعة ما عدا الغلاة ـ فقد ظلم العلم وجفا أهله ، ولو قاله عن جد فقد قاله عن قصور باعه ، ( وإن كان مؤلفاً في الملل والنحل ) في التعرف على جهودهم المتواصلة وآثارهم القيمة في العلوم الإسلامية ، فقد شاركوا الطوائف الإسلامية في تدوين المعقول والمنقول ، وجمع شذرات الحديث ، وتأليف شوارد السير ، ونظم جواهر الأدب ، ونضد قواعد الفقه ، وترصيف مباحث الكلام ، وتنسيق طبقات الرجال ، وضم حلقات التفسير ، وترتيب دروس الأخلاق ، كما فيهم الفلاسفة والعلماء والساسة والحكام والكتاب والمؤلّفون ، تشهد بذلك آثارهم وحياتهم.
وعلى أيّ تقدير ، فمن لطيف شعره ما نقله ابن عساكر عنه :
يا من عدا ، ثمّ اعتدى ثم اقترف |
|
ثمّ انتهى ثمّ ارعوى ثم اعترف |
أبشر بقول الله في آياته |
|
« إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف » (٢) |
(٣)
إمام الحرمين عبد الملك بن عبدالله
الجويني ( ٤١٩ ـ ٤٧٨ هـ )
هو عبدالملك بن الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي يعقوب الجويني.
أثنى عليه كلّ من ذكره ، يقول ابن خلّكان : أعلم المتأخّرين من
ــــــــــــــــــ
١ ـ الفرق بين الفرق : ٢٣٢.
٢ ـ تبين كذب المفتري : ٢٥٤.