(١٤)
كلام الله غير مخلوق أو قديم
لقد شاع في أواخر القرن الثاني ، كون كلام الله غير مخلوق وقد اعتنقه أهل الحديث وفي مقدمهم إمام الحنابلة ، وتحمل في طريق عقيدته هذه ألوان التعذيب ، وقد اعتنقوا هذه الفكرة مع الاعتراف بأنّه لم يرد فيها نصّ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا جاء من الصحابة فيها كلام.
وقد تسربت تلك العقيدة مثل القول بالتشبيه والتجسيم إلى المسلمين من اليهودية والنصرانية ، حيث قال اليهود بقدم التوراة (١) والنصرانية بقدم الكلمة ( المسيح ).
يقول أبو زهرة : كثر القول حول القرآن الكريم في كونه مخلوقاً أو غير مخلوق ، وقد عمل على إثارة هذه المسألة ، النصارى الذين كانوا في حاشية البيت الأموي وعلى رأسهم يوحنا الدمشقي ، الذ ي كان يبث بين علماء النصارى في البلاد الإسلامية طرق المناظرات التي تشكّك المسلمين في دينهم ، وينشر بين المسلمين الأكاذيب عن نبيّهم ، مثل زعمه عشق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لزينب بنت جحش ، فقد جاء في القرآن أنّ عيسى بن مريم كلمته ألقاها إلى مريم ، فكان يبث بين المسلمين أنّ كلمة الله قديمة ، فيسألهم أكلمته قديمة أم لا؟ فإن قالوا : لا... فقد قالوا : إنّ كلامه مخلوق (٢) ،
ــــــــــــــــــ
١ ـ اليهودية : ص ٢٢٢ تأليف أحمد شلبي كما في بحوث مع السلفيين : ١٥٣.
٢ ـ يراد أنّه مختلق ومزور.