وأنّك تتبغضه فسوف تقف معه بين يدي الله يوم يأتي وبين يديه طوائف العلماء من المذاهب الأربعة ، والصالحين من الصوفية والجهابذة الحفّاظ من المحدّثين ، وتأتي أنت تتكسع في ظُلم (١) التجسيم الذي تدّعي أنّك بريء منه وأنت من أعظم الدعاة إليه ، وتزعم أنّك تعرف هذا الفن وأنت لا تفهم فيه نقيراً ولا قطميراً ، وليت شعري من الذي يصف الله بما وصف به نفسه؟! من شبهه بخلقه؟! أمن قال : لَيْسَ كمثله شيء وهو السَّميع البَصير ؟
والأولى بي على الخصوص إمساك عنان الكلام في هذا المقام ، فقد أبلغت ، ثمّ احفظ لشيخنا حقّه وأمسك. (٢)
وقد كتب استفتاء يتعلّق بحال الشيخ في زمان شيخ الأشاعرة أبي القاسم القشيري بخراسان عند وقوع الفتنة بين الحنابلة والأشاعرة عام ست وثلاثين وأربعمائة ، وإليك جواب القشيري وغيره عنه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم. اتّفق أصحاب الحديث إنّ أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان إماماً من أئمّة أصحاب الحديث ، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث ، تكلّم في أُصول الديانات على طريقة أهل السنّة ، رد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة ، وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين من الملة ، سيفاً مسلولاً ، ومن طعن فيه أو قدح أو لعنه أو سبّه فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنّة.
بذلنا خطوطنا طائعين بذلك في هذا الدرج (٣) في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وأربعمائة والأمر على هذه الجملة المذكورة في هذا الذكر وكتبه عبد الكريم بن هوازن القشيري.
وكتب تحته الخبازي : كذلك يعرفه محمد بن علي الخبازي وهذا خطه.
ــــــــــــــــــ
١ ـ جمع الظلمة.
٢ ـ طبقات الشافعية : ٣/٣٤٧ ـ ٣٥٤.
٣ ـ الدرج : الذي يكتب فيه.