سميع ، ولا بصير. وقول من قال من المعتزلة : إنّ لا علم لله ولا قدرة له ، معناه : إنّه ليس بعالم ولا قادر. والتفاوت في الصراحة والكناية ، فنفي المبادئ حقيقة ، يلازم نفي صفاته الثبوتية التي أجمع المسلمون على توصيفه سبحانه بها.
وأمّا الثانية ، فردّ عليها بقوله : كيف يمكن أن يقال : إنّ علم الله هو الله. وإلاّ يلزم أن يصحّ أن نقول : يا علم الله اغفر لي وارحمني. (١)
يلاحظ عليه :
أوّلاً : أنّ القول بزيادة الصفات ليس من مبتكرات الأشعري ، بل تبع هو في ذلك« الكلابية » والتفاوت بينهما بالكناية والتصريح ، قال القاضي عبد الجبار:
عند الكلابية أنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات لمعان أزلية ، وأراد بالأزلي : القديم ، إلاّ أنّه لما رأى المسلمين متفقين على أنّه لا قديم مع الله تعالى ، لم يتجاسر على إطلاق القول بذلك. ثمّ نبغ الأشعري ، وأطلق القول بأنّه تعالى يستحقّ هذه الصفات لمعان قديمة. (٢)
ثانياً : ما ناقش به النظرية الأُولى غير كاف فيما ادّعا هـ أعني : رجوع قولهم إلى نفي كونه سبحانه عالماً ـ لأنّ نفي المبادئ ـ أعني : العلم والقدرة ـ إنّما يستلزم نفي كونه عالماً وقادراً إذا لم تقم الذات مقام الصفات في الأثر والغاية. فلقائل أن يقول : إنّ ما يطلب من العلم والقدرة من إتقان الفعل والقدرة عليه ، فالذات بنفسها كافية في تأمين الغاية المطلوبة منها. فإنّ ذاته سبحانه من الكمال على حد ، تقوم بنفسها لتأمين كلّ ما يطلب من الصفات ، فلا حاجة إليها.
وأضعف منه ما ناقش به النظرية الثانية من أنّ القول بتوحيد صفاته مع ذاته يستلزم جواز أن نقول : يا علم الله اغفر لي ، وذلك لأنّ القائل بالوحدة
ــــــــــــــــــ
١ ـ الإبانة : ١٠٨.
٢ ـ الأُصول الخمسة : ١٨٣.