صفاته مع ذاته فقالوا : إنّ الله عالم بذاته ، قادر بذاته ، حي بذاته ، لا بعلم وقدرة وحياة هي صفات قديمة ومعان قائمة به ، لأنّه لو شاركته الصفات في القدم الذي هو أخصّ الوصف لشاركته في الإلهية. (١)
يلاحظ عليه : أنّ المعتزلة تبعوا في ذلك إمام علم الكلام ومؤسسه عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام ، فهو رائد الموحدين وسيدهم ، فقد استدلّ في خطبته على وحدة صفاته مع الذات بشكل رائع. (٢)
وهن نظرية النيابة
إنّ الشيخين ( أبا علي وأبا هاشم الجبائيين ) لو تأمّلا في واقعية الصفات الكمالية وأنّها من شؤون الوجود لما أكّدا ولا أصرّا على أنّ واقعية الصفة مطلقاً هي القيام بالغير ، لأنّه لا يمكن أن تكون الصفة عين الذات ، وذلك لأنّ كلّ الكمالات من شؤون الوجود وترجع حقائقها إليه ، والوجود أمر مقول بالتشكيك ، فله العرض العريض ، فكما أنّ من الوجود ممكناً وواجباً وجوهراً وعرضاً ، فهكذا إنّ مرتبة من العلم كيف نفساني قائم بالغير ، ومرتبة أُخرى منه واجب قائم بنفسه ، ومثله القدرة والحياة ، والتفصيل يطلب من محلّه.
تحليل نظرية الزيادة
قد تعرّفت على نظرية الشيخين من أئمّة الاعتزال ، كما تعرّفت على نظرية أبي الهذيل ، وقد حان الآن وقت دراسة نظرية شيخ الأشاعرة ، وهو يخالف كلتا النظريتين ـ النيابة والوحدة ـ ويقول بوجود صفات كمالية زائدة على ذاته مفهوماً ومصداقاً ، فلا تعدو صفاته صفات المخلوق إلاّ في القدم والحدوث. ولأجل ذلك يهاجم النظريتين في « الإبانة » و « اللمع » فيقول في رد النظرية الأُولى ( النيابة ) :
إنّ الزنادقة قالوا : إنّ الله ليس بعالم ، ولا قادر ، ولا حي ، ولا
ــــــــــــــــــ
١ ـ الملل والنحل للشهرستاني : ١/٥١.
٢ ـ لاحظ نهج البلاغة : الخطبة الأُولى ، وقد عرفت بعض كلامه في المقام.