فهؤلاء يستحقون أن يسموا بنفاة الصفات ونيابة الذات عنها ، وهذا بخلاف رأي أبي الهذيل فهو يركز على كونه سبحانه موصوفاً بهذه الصفات وعالماً بعلم وقادراً بقدرة ، ولكنّها تتحد مع الذات في مقام الوجود والعينية.
ولأجل التفاوت البارز بين الرأيين أراد القاضي عبد الجبار المعتزلي إرجاع مقالة العلاف إلى ما يفهم من عبارة أبي علي وابنه أبي هاشم وقال : قال أبو هذيل : إنّه تعالى عالم بعلم هوهو ، وأراد به ما ذكره الشيخ أبو علي ، إلاّ أنّه لم تتلخص له العبارة ، ألا ترى أنّ من يقول : إنّ الله عالم بعلم ، لا يقول إنّ ذلك العلم هو ذاته تعالى.
ولكن الحقّ في باب الصفات هو ما ذهب إليه أبو الهذيل ، وعليه مشايخنا الإمامية ، أخذاً بالبراهين المشرقة في هذا المجال ، واقتداءً بما ورد عن أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ، وسيوافيك عند استعراض عقائد المعتزلة أنّ أُصولهم مأخوذة من خطب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو إمام علم التوحيد ، تُعرف آراؤه العالية من خطبه وكلماته في نهج البلاغة ، ونأتي منها بما يمس المقام :
١ ـ « وكمال توحيده الإخلاص له... » الخطبة الأُولى ، ص ٨ ، ط مصر ، أي تخليصه من كلّ جزء وتركيب.
٢ ـ وقال عليهالسلام : « لا تناله التجزئة والتبعيض » الخطبة ٨١ ، ط مصر ، ج١ ، ص ١٤٦.
٣ ـ وقال عليهالسلام : « ولا يجري عليه السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ، إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه » الخطبة ١٨١ط مصر ج٢ ص ١٤٤.
٤ ـ وقال عليهالسلام : « ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية والإبعاض » الخطبة ١٨١ ـ إلى غير ذلك من الكلمات التي لا مناص معها عن القول باتحاد الصفات مع الذات.
يرى الغزالي والشهرستاني أنّ المعتزلة تبعوا الفلسفة اليونانية في وحدة