ادّعى الشيخ الرئيس ابن سينا الضرورة على امتناعه ، وأقام البراهين عليه ، ونذكر منها ما يناسب وضع كتابنا.
إنّ إعادة الشيء المعدوم من جميع الجهات نوع إيجاد له ، والمفروض أنّ هذا الإيجاد يغاير الإبداع الذي تعلّق بإيجاده قبل أن يكون معدوماً. ومع تعدّد الإيجاد وتعدّد أعمال القدرة كيف يكون المعاد نفس المبتدأ من جميع الجهات. نعم ، يكون المعاد مثل المبتدأ لا عينه ، ولأجل الإيضاح نأتي بمثال :
إذا قام الإنسان بخلق صورة الفرس بالشمعة اللينة ، ثمّ محا الصورة التي أوجدها وأعادها ثانياً ، فلا يصحّ لأحد أن يقول : إنّ الصورة الثانية عين الأُولى ، لأنّ الأُولى تعلّقت بها قدرة وأوجدت بإيجاد خاص ، والثانية تعلّقت بها قدرة أُخرى في زمان آخر ، وأُوجدت بإيجاد ثان ، والقدرتان مختلفتان ، والإيجادان متعدّدان ، فكيف يكون الموجدان واحداً بل لا مناص على القول باختلافهما. فإذا لم يصحّ إعادة المعدوم في المثال المذكور ( الذي كانت المادة فيه محفوظة والصورة فقط منعدمة ) فكيف يصحّ فيما كانت الصورة والمادة معدومتين غر باقيتين؟
هذا هو الفرق البارز بين المسألتين ، ولم يشر الشيخ الأشعري إلى الفرق بينهما.