وعند الامام أبي عبد الله الشافعي : البيع جائز ، وأخذ فيه بالقياس ».
وقال شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي في كتاب ( المبسوط ) : « وإذا باع رجل شيئا بنقد أو بنسية فلم يستوف ثمنه حتى اشتراه بمثل ذلك الثمن أو أكثر منه جاز ، وان اشتراه بأقل من ذلك الثمن لم يجز ذلك في قول علمائنا رحمهمالله استحسانا ، وفي القياس يجوز ذلك وهو قول الشافعي ، لان ملك المشتري قد تأكد في المبيع بالقبض فيصح بيعه بعد ذلك بأي مقدار من الثمن باعه ، كما لو باعه من غير البائع ، ألا ترى أنه لو وهبه من البائع جاز ذلك ، فكذلك إذا باعه منه بثمن يسير ، ولأنه لو باعه من انسان آخر ثم باعه ذلك الرجل من البائع الاول بأقل من الثمن الاول جاز ، فكذلك إذا باعه المشتري منه.
الا أنّا استحسنا لحديث عائشة ، رضي الله عنها ، فان امرأة دخلت عليها وقالت : اني بعت من زيد بن أرقم جارية لي بثمان مائة درهم الى العطاء ثم اشتريتها منه بستمائة درهم قبل محل الأجل. فقالت عائشة رضي الله عنها : بئسما اشتريت ، أبلغي زيد بن أرقم شريت وبئس أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان لم يتب فأتاها زيد بن أرقم معتذرا ، فتلت قوله تعالى : ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ).
فهذا دليل على أن فساد هذا العقد كان معروفا بينهم ، وأنها سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لان أجزية الجرائم لا تعرف بالرأي ، وقد جعلت جزاءه على مباشرة هذا العقد بطلان الحج والجهاد ، فعرفنا من ذلك كالمسموع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واعتذار زيد رضياللهعنه إليها دليل على ذلك لانّ في المجتهدات كان يخالف بعضهم بعضا ، وما كان يعتذر أحدهم الى صاحبه فيها ».
وقال ملك العلماء علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاشاني الحنفي في كتاب ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ) في مسألة « شراء ما باع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن » : « ولنا ما روي أن امرأة جاءت الى سيدتنا عائشة