بلغ ذلك عمر استنكره بشدة ، قال المتقي : « عن ابن عباس قال : رأيت عمر يقلب كفيه وهو يقول : قاتل الله سمرة عويمل لنا بالعراق ، خلط في فيء المسلمين ثمن الخمر والخنزير ، فهي حرام وثمنها حرام عب. ق » (١).
هذا وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ فيما روى عنه الحفاظ ـ « من باع الخمر فليشقص الخنازير » قال الخازن : « أخرجه أبو داود. قال : والمعنى من استحل بيع الخمر فليستحل بيع الخنازير ، فإنهما في التحريم سواء ».
بل انه قد ارتقى في أمر الخمر حتى جعل يدلك جسده بدرديه ، الأمر الذي دعا عمر لان يلعنه على المنبر ، وممن روى ذلك فقيه الحنفية فخر الإسلام السرخسي ، حيث قال : « ويكره شرب دردي الخمر والانتفاع به ، لان الدردي من كل شيء بمنزلة صافيه ، والانتفاع بالخمر حرام فكذلك بدرديه ، وهذا لان في الدردي أجزاء الخمر ، ولو وقعت قطرة من خمر في ماء لم يجز شربه والانتفاع به ، فالدردي أولى ، والذي روي ان سمرة بن جندب رضياللهعنه كان يتدلك بدردي الخمر في الحمام ، فقد أنكر عليه عمر رضياللهعنه ذلك حتى لعنه على المنبر لما بلغه ذلك عنه ، وليس لاحد ان يأخذ بذلك بعد ما أنكره عمر رضياللهعنه » (٢).
* أقول : وقد سبق سمرة بن جندب في هذا الاجتهاد!! خالد بن الوليد ـ وهو أحد كبار مجتهدي الصحابة؟! فقد كان مولعا بالخمر غير مرتدع عنه ، حتى لقد وبخه عمر فلم ينته فعزله عن الامارة ، قال الطبري : « كتب الي السري عن شعيب عن سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة قالا : فما زال خالد على قنسرين حتى غزا غزوته التي أصاب فيها وقسم فيها ما أصاب لنفسه.
__________________
(١) كنز العمال ٤ / ٩١.
(٢) المبسوط ٢٤ / ٢٠.