عليه وسلّم نهى عن مثل هذا الا مثلا بمثل. فقال له معاوية : ما أرى بأسا! فقال أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية؟ أخبره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويخبرني عن رأيه! لا أساكنك بأرض أنت بها! قال الشافعي : فرأى أبو الدرداء الحجة تقوم على معاوية بخبره ، فلما لم ير معاوية ذلك فارق أبو الدرداء الأرض التي هو بها إعظاما لأنه ترك خبر ثقة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ».
وقال بشرح الحديث : « فقال أبو الدرداء من يعذرني من معاوية؟! أنا أخبره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويخبرني عن رأيه ، الى آخره. قال ابن عبد البر : كان ذلك منه أنفة من أن يرد عليه سنة علمها من سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برأيه ، وصدور العلماء تضيق عند مثل هذا وهو عندهم عظيم ردّ السنن بالرأى ، قال : وجائز للمرء أن يهجر من لم يسمع منه ولم يطعه ، وليس هذا من الهجرة المكروهة ، ألا ترى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر الناس ألا يكلّموا كعب بن مالك حين جلب عن تبوك قال : وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع وهجرته وقطع الكلام عنه ، وقد رأى ابن مسعود رجلا يضحك في جنازة فقال : والله لا أكلمك أبدا! انتهى » (١).
وقال عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الديبع الشيباني : « وعن عطاء ابن يسار أن معاوية رضياللهعنه باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء رضياللهعنه : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينهى عن مثل هذا الا مثلا بمثل ، فقال معاوية : ما أرى بهذا بأسا! فقال له أبو الدرداء رضياللهعنه : من يعذرني من معاوية؟! أنا أخبره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يخبرني عن رأيه! لا اساكنك بأرض أنت بها! ثم قدم أبو الدرداء رضياللهعنه على عمر بن الخطاب رضياللهعنه فذكر له ذلك فكتب عمر الى معاوية أن لا تبع ذلك الاّ مثلا بمثل وزنا بوزن. أخرجه مالك والنسائي. السقاية : إناء
__________________
(١) تنوير الحوالك ٢ / ٥٩.