كذلك ولكن الله وقى شرها! وليس منكم من تقطع الأعناق اليه مثل أبي بكر ، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة ان يقتلا.
وانه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معها ، واجتمع المهاجرون الى أبي بكر ، فقلت لابي بكر : يا أبا بكر! انطلق بنا الى إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا رجلان صالحان فذكر ما تمامى عليه القوم ، فقال : أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فقالا : لا عليكم أن لا تقربوهم ، اقضوا أمركم فقلت : والله لنأتينهم! فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم ، فقلت : من هذا؟ قالوا : هذا سعد بن عبادة ، فقلت : ما له؟ قالوا يوعك. فلما جلسنا قليلا تشهّد خطيبهم فأثنى على الله. بما هو أهله ثم قال :
أمّا بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون ان يختزلونا من أصلنا وان يحصنونا من الأمر ، فلما سكت أردت ان أتكلم وكنت زوّرت مقالة اعجبتني أريد أن اقدمها بين يدي أبي بكر ، وكنت اداري منه بعض الحدّ ، فلما أردت ان اتكلّم قال ابو بكر : على رسلك! فكرهت أن أغضبه فتكلم ابو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الاّ قال بديهة مثلها أو أفضل حتى سكت! فقال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له اهل ولن يعرف هذا الأمر الاّ لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم احد هذين الرجلين ، فبايعوا أيهما شئتم ، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجرّاح ـ وهو جالس بيننا ـ فلم أكره مما قال غيرها ، كان والله ان أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من اثم أحب الي من ان أتامرّ على قوم فيهم ابو بكر! اللهم الا أن تسوّل لي نفسي عند الموت شيئا