منها : ما دلّ على التخيير على الإطلاق ، كخبر الحسن بن الجهم ، عن الرضا عليهالسلام : (قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا يعلم أيّهما الحق ، قال : فإذا لم يعلم فموسع عليك بأيهما أخذت). وخبر الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة ، فموسع عليك
______________________________________________________
الأرض فوقّع عليهالسلام : موسّع عليك بأيّة عملت» (١).
ومكاتبة محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان عليهالسلام وفيها «قال عليهالسلام في الجواب عن ذلك حديثان ، أمّا أحدهما ، فإذا انتقل من حالة إلى اخرى فعليه التكبير ، وأمّا الآخر ، فإنّه روي أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا» (٢).
ولكن لا يخفى عدم دلالة شيء منهما على التخيير بين المتعارضين. أمّا صحيحة علي بن مهزيار فالتخيير واقعي للجمع العرفي بين الحديثين ؛ لأنّ أحدهما ظاهر في اعتبار الصلاة على الأرض في نافلة الفجر بمعنى عدم جوازها على المحمل ، والاخرى نصّ في جوازها فيه فيحمل النهي عن العبادة على الكراهة بمعنى قلّة الثواب ، وكذلك في المكاتبة وأنّ التكبيرة في القيام بعد الجلوس من السجدة الثانية أو عند القيام من التشهد ليست كالتكبيرة في ساير الحالات ، وأنّ الأولى منها هو الذكر الخاصّ.
وقول الماتن قدسسره : «إلى غير ذلك» لعلّه يشير إلى موثّقة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر ، كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر
__________________
(١) المصدر السابق : الحديث ٤٤.
(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٣٦٢ ، الباب ١٣ من أبواب السجود ، الحديث ٨.