وتوهم أن حال القياس هاهنا ليس في تحقق الأقوائية به إلّا كحاله فيما ينقح به موضوع آخر ذو حكم ، من دون اعتماد عليه في مسألة أصولية ولا فرعية ، قياس مع الفارق ، لوضوح الفرق بين المقام والقياس في الموضوعات الخارجية الصرفة ، فإن القياس المعمول فيها ليس في الدين ، فيكون إفساده أكثر من إصلاحه ، وهذا بخلاف المعمول في المقام ، فإنه نحو إعمال له في الدين ، ضرورة أنه لو لاه لما تعين الخبر الموافق له للحجية بعد سقوطه عن الحجيّة بمقتضى أدلة الاعتبار ، والتخيير بينه وبين معارضه بمقتضى أدلّة العلاج ، فتأمل جيدا.
وأمّا ما إذا اعتضد بما كان دليلا مستقلا [١].
______________________________________________________
الصحيح كفاية التحرّي إذا لم يعلم وجه القبلة ، ولا يعمّه النهي عن القياس في الدين ، فإنّ النهي راجع إلى تحصيل ملاكات الأحكام الشرعية بالقياس لينقل منها إلى نفس الأحكام الشرعيّة.
ثمّ إنّه لا يكاد ينقضي التعجّب مما ذكر الماتن قدسسره من أنّ خطر استعمال القياس في تعيين الحجّة ليس بأقلّ من استعماله في نفس الأحكام الشرعيّة ، مع أنّه قدسسره بنى على التخيير بين المتعارضين من الخبرين ، ومعنى التخيير صيرورة المأخوذ منهما حجّة بالأخذ ، فالمأخوذ المطابق للقياس حجّة سواء كان القياس مرجّحا أم لا ، فأيّ خطر في ذلك؟
[١] وحاصل ما ذكره قدسسره أنه إذا كان أحد الخبرين المتعارضين متعاضدا بما يكون دليلا مستقلّا كموافقته الكتاب والسنة ، فلا ينبغي التأمّل في عدم اعتبار الخبر الآخر وأنّه غير حجة ، بل لو كان الخبر الآخر منافيا للكتاب والسنة بالتباين فلا يكون حجّة حتّى فيما إذا لم يكن في البين الخبر الموافق ، كما يقتضي ذلك مثل قوله عليهالسلام في صحيحة هشام وغيره عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله بمنى فقال :