قال الله تبارك وتعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) وقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(٢) مع احتمال أن الذم إنما كان على تقليدهم للجاهل ، أو في الأصول الاعتقادية التي لا بد فيها من اليقين ، وأما قياس المسائل الفرعية على الأصول الاعتقادية ، في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها
______________________________________________________
يبتلي بها غير ما أفتوا بها فيها ولو من بعضهم ، فإنّ مقتضى العلم الإجماليّ بالتكاليف في موارد فتاويهم يوجب علمه الإجماليّ بثبوت التكاليف في حقّ المكلفين في الوقائع ، وهذا الاحتياط على ما ذكرنا لا يوجب محذورا على العاميّ من عسر فضلا عن اختلال النظام.
ولكن لا يخفى أنّ انحلال العلم الإجماليّ الكبير بالعلم الإجمالي الصغير لا ينفع فيما إذا كان احتمال التكليف بنفسه منجّزا للتكليف كما في المفروض في المقام ، حيث لا يتمكّن العاميّ من الفحص عن جميع الفتاوى في الوقائع ولا عن أدلّة الأحكام.
نعم إذا حصل له الوثوق والاطمئنان بعدم الدليل على التكليف في غير موارد فتوى العلماء المعروفين في عصره ، مع اعتقاده وجزمه بأنّ الشارع لم يردع عن العمل بوثوقه واطمئنانه ذلك أمكن له ترك الاحتياط في غير موارد فتاوى علماء عصره بالتكليف ، أو حصل الوثوق بفحص علماء عصره في مورد فتاويهم بنفي التكليف ، وكان هو بنفسه عارفا باعتبار الاصول النافية.
وأيضا ما ذكر الماتن قدسسره من الإيراد على دعوى الإجماع ونقله وإن كان صحيحا إلّا أنّ عطفه قدسسره دعوى السيرة المتشرعة على الإجماع في عدم جواز الاعتماد عليها
__________________
(١) الاسراء : ٣٦.
(٢) الزخرف : ٣٣.