وأما الثاني : فلأن الترجيح مع المعارضة في مقام الحكومة ، لأجل رفع الخصومة التي لا تكاد ترتفع إلّا به ، لا يستلزم الترجيح في مقام الفتوى ، كما لا يخفى.
وأما الثالث : فممنوع صغرى وكبرى ، أما الصغرى فلأجل أن فتوى غير الأفضل ربما يكون أقرب من فتواه ، لموافقته لفتوى من هو أفضل منه ممن مات ،
______________________________________________________
بالإضافة إلى باقي الأحياء أو من المحتمل أعلميّتهما يكونان متفقين في عدم وجوب صلاة الجمعة تعيينا وأنّ صلاة الظهر يوم الجمعة مجزية عن الواقع ، فما وجه الاحتياط التامّ في هذه الصورة حتى لزم على العاميّ أن يحتاط بالإتيان بصلاة الجمعة أيضا.
فإنه يقال : ما ذكر إنّما يتمّ فيما إذا احرز أنّ أحدهما أعلم من الآخر أو محتمل الأعلميّة ، ولكن لم يتمكّن من تعيينه شخصا منهما ، وأمّا إذا احرز تساويهما ولم نقل بالتخيير في الفرض كما هو المفروض ؛ لأنّه لم يتمّ دليل على اعتبار فتواهما للتعارض يسقط اعتبار كلّ من الفتويين ، وقد ذكرنا أنّه إذا سقط الطريق عن الاعتبار في مدلولهما المطابقيّ فلا يبقى مجال لاعتبار مدلولهما الالتزاميّ ، وإذا احتمل وجوب صلاة الجمعة تعيينا فاللازم رعايته.
فقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ المعيّن لاعتبار فتوى مجتهد إحراز أعلميّته بالإضافة إلى الآخرين أو احتمال الأعلميّة فيه خاصّة ، بأنّه إمّا أعلم من السائرين أو أنّه والسائرين على حدّ سواء ، بلا فرق بين أن يصل احتمال الأعلميّة فيه إلى حدّ الظنّ أم لا. وأمّا إذا تردّدت الأعلميّة بين المتعدّدين أو احتمالهما فاللازم الاحتياط بالأخذ بالفتوى المطابقة للاحتياط منهما.