وبالجملة يكون انتفاء الرأي بالموت بنظر العرف بانعدام موضوعه ، ويكون حشرة في القيامة إنما هو من باب إعادة المعدوم ، وإن لم يكن كذلك حقيقة ، لبقاء موضوعه ، وهو النفس الناطقة الباقية حال الموت لتجرده ، وقد عرفت في باب الاستصحاب أن المدار في بقاء الموضوع وعدمه هو العرف ، فلا يجدي بقاء النفس عقلا في صحة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه ، وحسبان أهله أنها غير باقية وإنما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها ، فتأمل جيدا.
لا يقال : نعم ، الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه ، إلّا أن حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته ، كما هو الحال في الرواية.
______________________________________________________
المجتهد بالإضافة إلى من تعلّم الحكم منه حال حياته ، وأمّا بالإضافة إلى من لم يتعلّم منه حال حياته وأراد تعلّم رأيه ونظره بعد موته فلا دليل على اعتبار نظره الحادث بالإضافة إليه ، والمتيقّن السابق غير باق قطعا ، والمشكوك فعلا غير مسبوق باليقين به. أضف إلى ذلك أنّ الشبهة حكميّة والاستصحاب في عدم الجعل بنحو العموم لو لم يكن واردا على الاستصحاب في بقاء المجعول فلا ينبغي أنّه معارض له.
ومع الاغماض عن جميع ما ذكر فما ذكر الماتن قدسسره من عدم بقاء الرأي للميّت ـ فإنّ قيامه بالنفس الناطقة وهي وإن كانت باقية حقيقة ولكنّ بقاءها خلاف النظر العرفيّ حيث يرى أهل العرف زوالها بالموت ويحسبون الحشر إعادة للنفس الناطقة المعدومة ـ لا يخفى ما فيه ، فإنّ أهل العرف يرون بقاء الروح الانسانيّة ويحتمل بقاء الميّت بعد موته على رأيه وإن يحتملون الزوال بحسب انكشاف الحال للروح بعد الموت إلّا أنّ ذلك لا يمنع من استصحاب بقاء رأيه بحاله ولو بالنسبة إلى المدارك التي كانت عنده قبل موته في هذه الدنيا.